وَاسْتَقَرَّ بِالِاسْتِقْرَاءِ التَّامِّ أَنْ الْمَصَالِحَ عَلَى ثَلَاثِ1 مَرَاتِبَ، فَإِذَا بَلَغَ الْإِنْسَانُ مَبْلَغًا، فَهِمَ عَنِ الشَّارِعِ فِيهِ قَصْدَهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ2 مِنْ مَسَائِلِ الشَّرِيعَةِ، وَفِي كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ وَصْفٌ هُوَ السَّبَبُ3 فِي تَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْخَلِيفَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّعْلِيمِ وَالْفُتْيَا وَالْحُكْمِ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ كَالْخَادِمِ لِلْأَوَّلِ؛ فَإِنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ مَعَارِفَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا فِي فَهْمِ الشَّرِيعَةِ أَوَّلًا، وَمِنْ هنا كان خادما4 للأول، وفي
__________
1 أي: لا تعدوها وإن حصل اختلاف في بعض جزئياتها أنها من الضروريات أو من الحاجيات أو مكملات إحداهما مثلًا. "د".
2 هذا على القول المرجوح من عدم القول المرجوح من عدم جواز تجزؤ الاجتهاد، فأما على جواز ذلك وهو الراجح المختار للغزالي، وقال ابن السبكي: "إنه الصحيح؛ فلا يشترط الفهم المذكور لغير المسألة التي يتعلق بها اجتهاده". قال في "المحصول" "6/ 25": "والحق [أنه يجوز] أن [تحصل] صفة الاجتهاد تحصل في فن، بل في مسألة دون مسألة". "د".
قلت: انظر في مسألة تجزئ الاجتهاد: المستصفى" "2/ 353-354"، و"الأحكام" "4/ 164" للآمدي، و"المرآة" "2/ 469" مع "حاشية الإزميري"، و"البحر المحيط" "4/ 473 و6/ 209" للزركشي، و"شرح تنقيح الفصول" "430"، و"المعتمد" "2/ 929"، و"التقرير والتحبير" "3/ 294"، و"مقدمة المجموع" "1/ 71"، و"إرشاد الفحول" "254-255"، وإعلام الوقعين "216-217"، و"جمع الجوامع" "2/ 405-406 - مع حاشية البناني"، و"شرح العضد على ابن الحاجب" "2/ 290-291"، "وفواتح الرحموت" "2/ 364"، و"الاجتهاد في الإسلام" "ص164-173" لنادية العمري.
3 لا ينافي أنه لا بد من الوصف الآخر وهو التمكن؛ لأنه جعله شرطًا، وسمى هذا سببًا. "د".
4 لأنه لا يفهم مقاصد الشريعة إلا بواسطة هذه المعارف، وقد تقدم أنه لا بد من الكليات =