مُقَدِّمَاتٍ بَاطِلَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، تُفْرَضُ صَحِيحَةً فيينى عليها، فيفيد النباء عَلَيْهَا الْعِلْمَ بِالْمَطْلُوبِ؛ فَمَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ.
وَالثَّالِثُ:
أَنَّ نَوْعًا مِنَ الِاجْتِهَادِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْعُلُومِ أَنْ يَعْرِفَهُ، فَضْلًا أَنْ يكون مجتهدًا فيه، وهو الاجتهاد في تفتيح2 الْمَنَاطِ، وَإِنَّمَا يَفْتَقِرُ 3 إِلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ خَاصَّةً، وَإِذَا ثَبَتَ نَوْعٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ دُونَ الِاجْتِهَادِ4 فِي تِلْكَ الْمَعَارِفِ ثَبَتَ مُطْلَقُ الِاجْتِهَادِ بِدُونِهِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مقلِّدا فِي بَعْضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاجْتِهَادِ لَمْ تَصْفُ لَهُ مَسْأَلَةٌ مَعْلُومَةٌ: لِأَنَّ مَسْأَلَةً يُقَلِّدُ فِي بَعْضِ مُقَدِّمَاتِهَا لَا تكون مُجْتَهِدًا فِيهَا بِإِطْلَاقٍ، فَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُوصَفَ صَاحِبُهَا بِصِفَةِ الِاجْتِهَادِ بِإِطْلَاقٍ، وَكَلَامُنَا إِنَّمَا هُوَ
__________
1 في الأصل: "ينبني".
2 كيف وهو لا يكون إلا في أوصاف تضمنها نص الشارع، وهو عربي يحتاج فهمه إلى الرتبة العربية المشترطة. "د".
3 قال فيما تقدم: إن التمكن من الاستنباط على معارف وعلوم كثيرة، وإنه خادم للأول وهو فهم مقاصد الشريعة؛ فقوله: "وَإِنَّمَا يَفْتَقِرُ إِلَى
الِاطِّلَاعِ عَلَى مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ خاصة دون شيء من تلك العلوم" لا يتأتى مع سابق الكلام؛ لأنه على ما تقدم لا بد له من هذه المعارف كوسيلة إلى فهم مقاصد الشريعة على الأقل، وإن لم يحتج إليها عند التخريج، وإنما يصح ذلك إذا صح أن يأخذ مقاصد الشريعة تقليدًا؛
فتأمل. "د".
4 بل دليله ينتج أكثر من ذلك؛ فيقال: وإن ثبت نوع من الاجتهاد دون هذه العلوم، رأسًا فضلًا عن الاجتهاد فيها؛ ثبت مطلق الاجتهاد بدون تلك المعارف وبدون الاجتهاد فيها، ثم لا يخفى أن هذا غير ما أصله أولًا من جعله شرطًا للحصول على صفة الاجتهاد، وهذا يزيد ما أشرنا إليه في الكلام على الحصر في الوصفين بيانًا ووضوحًا. "د".
قلت: كتب "ف" هنا ما نصه: "اسلأولى: "بدون الاجتهاد".