كتاب مختصر أخلاق حملة القرآن

وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ عِنْدَ تِلاوَتِهِ لِلْقُرْآنِ، وَعِنْدَ اسْتِمَاعِهِ مِنْ غَيْرِهِ، كَانَ الْقُرْآنُ لَهُ شِفَاءً، فَاسْتَغْنَى بِلا مَالٍ، وَعَزَّ بِلا عَشِيرَةٍ، وأَنِسَ بِمَا يَسْتَوحِشُ مِنْهُ غَيْرُهُ، وَكَانَ هَمُّهُ عِنْدَ تِلاوَةِ السُّورَةِ إِذَا افْتَتَحَهَا: مَتَى أَتَّعِظُ بِمَا أَتْلُو؟ وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ: مَتى أَخْتِمُ السُّورَةَ؟ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ: مَتى أَعْقِلُ عَنِ اللهِ الْخِطَابَ؟ مَتى أَزْدَجِرُ؟ مَتى أَعْتَبِرُ؟ لأَنَّ تِلاوَتَهُ لِلْقُرْآنِ عبادة, والعبادة لا تَكُونُ بِغَفْلَةٍ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ لِذَلِكَ.
عَنِ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: «لا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الدَّقْل (¬1)، وَلا تَهُذُّوهُ هَذَّ الشِّعْرِ، قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ، وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ، وَلا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ» (¬2) ...
عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 121]، قَالَ: «يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ» (¬3).
¬_________
(¬1) الدَّقْل: رديء التمر ويابسه. ينظر: النهاية لابن الأثير (2/ 127) , م: (دقل).
(¬2) وإسناده ضعيف, لكنه صحيح بمجموع طرقه كما سيأتي.
أخرجه البغوي في معالم التنزيل (4/ 490 - 491) من طريق المصنف به.
للتوسع في الكلام على طرقه وأسانيده يُرَاجع: تعليق د. سعد آل حميد على تفسير سعيد بن منصور (2/ 444 - 447).
(¬3) إسناده صحيح.
أخرجه سعيد بن منصور في التفسير (211) , وابن جرير (2/ 567 - 568) كلهم عن مجاهد.

الصفحة 18