كتاب مختصر أخلاق حملة القرآن

طَعَامُهُمْ الزَّقُومُ، وَشَرَابُهُمُ الْحَمِيمُ، كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بُدِّلُوا جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ، نَدِمُوا حَيْثُ لا يَنْفَعُهُمْ النَّدَمُ، وَعَضُّوا عَلَى الأَيْدِي أَسَفًا عَلَى تَقْصِيرِهِمْ فِي طَاعَةِ اللهِ عز وجل، وَرُكُوبِهِمْ لِمَعَاصِي اللهِ تعالَى، فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: {يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)} [الفجر]، وَقَالَ قائل: {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون] , وَقَالَ قائل: {يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]، وَقَالَ قَائِلٌ: {يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)} [الفرقان]، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ، وَوُجُوهُهُمْ تَتَقَلَّبُ فِي أنواع مِنَ العذاب: {يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)} [الأحزاب: 66].
فَهَذِهِ النَّارُ - يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ؛ يَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ - حَذَّرَهَا اللهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، رَحْمَةً مِنْهُ لِلمُؤمِنِينَ:
فَقَالَ عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} [التحريم] ...
وَقَالَ عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [الحشر].

الصفحة 31