كتاب مختصر أخلاق حملة القرآن

وَاحِدٌ، وَلا يَكُون ثانٍ مَعَهُ، فَهُوَ أَنْفَعُ لِلْجَمِيعِ، وَأَمَّا التَّلْقِينُ فَلا بَأْسَ أَنْ يُلَقِّنَ الْجَمَاعَةَ.
وَيَنْبَغِي لِمَنْ قُرِئ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، فَأَخْطَأَ فِيهِ القَارِئُ، أَوْ غَلِطَ؛ ألَّا يُعَنِّفَهُ، وَأَنْ يَرْفُقَ بِهِ، وَلا يَجْفُو عَلَيْهِ، وَيَصْبِرَ عَلَيْهِ؛ فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَجْفُو عَلَيْهِ, فَيَنْفِرَ عَنْهُ، وَبِالْحَرِيِّ ألَّا يَعُودَ إِلَى الْمَسْجِدِ ...
وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا بُعْثِتُم مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» (¬1) ...
فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ أَخْلاقُهُ انْتَفَعَ بِهِ مَنْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ.
ثُمَّ أَقُولَ: إِنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ للهِ - جَلَّت عَظَمَته - أَنْ يَصُونَ نَفْسَهُ عَنِ اسْتِقْضَاءِ الْحَوَائِجِ مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَأَلَّا يَسْتَخْدِمَهُ، وَلا يُكَلِّفَهُ حَاجَةً يَقُومُ فِيهَا. وأَخْتَارُ لَهْ إِذَا عَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَنْ يُكَلِّفَهَا لِمَنْ لا يَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يَصُونَ الْقُرْآنَ عَنْ أَنْ تُقْضَى لَهُ بِهِ الْحَوَائِج، فَإِنْ عَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ سَأَلَ مَوْلاهُ الْكَرِيْمَ قَضَاءَهَا، فَإِذَا ابْتَدَأَهُ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ فَقَضَاهَا لَهُ، شَكَرَ اللهَ إِذْ صَانَهُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ، وَالتَّذَلُّلِ لأَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِذْ سَهَّلَ الله لَهُ قَضَاءَهَا، ثُمَّ يَشْكُرُ لِمَنْ
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري (4582).

الصفحة 48