كتاب مختصر أخلاق حملة القرآن

وَأبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرِ وَاحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ, ويَأْمُرُونَ الْقَارِئَ إِذَا قَرَأَ أَنْ يَتَحَزَّنَ، وَيَتَبَاكَى، وَيَخْشَعَ بِقَلْبِهِ ...
فَأُحِبُّ لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ أن يَتَبَاكَى ... وَيَخْشَعَ قَلْبُهُ، فَيَتَفَكَّرُ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ...
ألَمْ تسمع إِلَى مَا نَعَتَ اللهُ عز وجل مَنْ هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَأَخْبَرَ بِفَضْلِهِمْ، فَقَالَ عز وجل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23] الآية، ثُمَّ ذَمَّ قَوْمًا اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ، فَلَمْ تَخْشَعْ لَهُ قُلُوبُهُمْ، فَقَالَ عز وجل: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)} [النجم] يَعْنِي: لاهِينَ.
ثُمَّ يَنْبَغِي لِمَنْ قَرَأَ القرآن أنْ يُرَتِّلَ القرآن ترتيلًا كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزمل].
قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: «بَيِّنه تَبْيِينًا».
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا رَتَّلَهُ وَبَيَّنَهُ انْتَفَعَ بِهِ مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْهُ، وَانْتَفَعَ هُوَ بِذَلِكَ؛ لأَنَّهُ قَرَأَهُ كَمَا أُمِر؛ قَالَ اللهُ عز وجل: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى

الصفحة 66