كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 2)
قال: وأَخبرني ابن حزم (¬١)، أنَّ ابن عباس رضي الله عنه وأبا حَبَّةَ الأَنْصَاري رضي الله عنه، كانا يقولانِ: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ثمَّ عُرِجَ بي حتَّى ظَهَرتُ لِمُستوًى أَسمَعُ صَرِيفَ الأَقْلامِ» (¬٢).
وعن ابن حزم وأنس بن مالك رضي الله عنهم: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: « .. ثُمَّ انْطَلَقَ، حتَّى أتى بي السِّدرةَ المُنْتهى، فَغَشِيها أَلوانٌ لا أدري ما هيَ! ثمَّ أُدْخِلتُ الجنَّةَ، فإذا فيها جَنابِذُ اللُّؤلؤ (¬٣)، وإذا تُرابُها المِسْكُ» متَّفق عليه (¬٤).
وعن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أُتِيتُ بالبُراقِ، وهو دابَّة أَبيض طويل، فَوْق الحِمار، ودون البغل، يضع حافِره عندَ مُنْتهى طَرْفِهِ، قال: فركِبْتُه، حتَّى أَتيتُ بيْتَ المَقْدِسِ، قال: فَرَبطْتُهُ بالحَلْقَةِ، الَّتي يَربِطُ به الأَنبياءُ، قال: ثُمَّ دَخَلتُ، فَصَلَّيتُ ركعتين، ثُمَّ خرجتُ، فجاءني جِبريل عليه السلام بإناءٍ من خَمْر، وإناءٍ من لَبَنٍ، فاخترتُ اللَّبن، فقال جبريلُ عليه السلام: اخْتَرتَ الفِطْرةَ (¬٥)، ثُمَّ عُرج بنا إلى السَّماء» أخرجه مُسلم (¬٦).
---------------
(¬١) قال ابن رجب: «الظاهر أنَّه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم»، «فتح الباري» له (٢/ ٣١٨).
(¬٢) صريف الأقلام: صوت ما تكتبه الملائكة بأقلامها من أقضية الله تعالى ووحيه، أو ما ينسخونه من اللَّوح المحفوظ، أو ما شاء الله من ذلك، انظر «فتح الباري» لابن رجب (٢/ ٣١٨).
(¬٣) جنابذ اللُّؤلؤ: جمع جُنْبُذة: وهي القُبَّة، انظر «النهاية» (١/ ٣٣٣).
(¬٤) أخرجه البخاري في (ك: أخبار الأنبياء، باب: ذكر إدريس .. ، رقم: ٣٣٤٢)، ومسلم في (ك: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات، رقم:١٦٣).
(¬٥) فيه أقوال، أوجهها: الإسلام، أو الاستقامة، أو الحنيفيَّة، وهذا هو اختيار القاضي عياض في «إكمال المعلم» (١/ ٥٠١)، واقتصر عليه النَّووي في «شَرحه لمسلم» (٢/ ٢١٢).
(¬٦) أخرجه مسلم في (ك: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات، رقم: ١٦٢).