كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 3)

وقد كان لخيبرٍ بتحريضِ بني النَّضيرِ الأثرُ البَليغ في حَشْدِ قريشٍ وبني قُريظةَ على المسلمينَ في المدينة (¬١).
وأمَّا كعبُ بن الأشرف: فشُهرةُ عَداوتِه الإسلامِ وإيذاءِه النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وتحريضِه كفَّارَ قريشٍ عليهم (¬٢): تُغني عن بسطِ القولِ في تعليلِ ما وقع له.
وأمَّا (أُبنَى): فقد شارَكَت الرُّومَ قتالَ المسلمينَ في مُؤتة، وفيها قُتِل زيد بن حارثةَ رضي الله عنه، فلذا بَعَثَ النَّبي صلى الله عليه وسلم ابنَه أسامةَ إليهم يحرِّضُه على الانتقامِ لأبيهِ (¬٣).
وأمَّا بنو المُلَوِّح: فمِن الأعرابِ الَّذين ظاهروا على قتالِ المسلمين، حتَّى غَدروا ببَشير بن سُويدٍ رضي الله عنه وقتلوه (¬٤).
وأمَّا خَيْبر: فقد عُلِم نَبَؤُها عند الكلامِ في ابنِ أبي الحقيق.
إذا تَقرَّر ما ذكرناه في هذه الشَّواهد التَّاريخيَّة؛ فإنَّ ذينك الشَّرطينِ المُبيحينِ للإغارةِ قد وُجِدا بكمالِهما في بني المُصطلق!
فأمَّا الشَّرط الأوَّل: فإنَّه لا يَشُكّ أحَدٌ في بلوغِ دعوة الإسلام إلى بني المُصطلق، وعلمِهم بما يُطلَب منهم، وامتناعِهم عن إجابةِ ذلك، فإنَّهم مِن بطونِ خُزاعة (¬٥) بين المدينة ومكَّة، على سِتِّ مراحل مِن المدينة، ولأجل هذا
---------------
(¬١) انظر «سيرة ابن هشام» (٢/ ١٩٥)، و «الفتح» لابن حجر (٧/ ٣٤٩)، و «السيرة النبوية الصحيحة» لأكرم العمري (١/ ٣١٨).
(¬٢) كما في أبي داود (ك: الخراج والإمارة والفيء، باب: كيف كان إخراج اليهود من المدينة؟ رقم: ٣٠٠٠)، وانظر «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥١).
(¬٣) جاء في «مغازي الواقدي» (٣/ ١١٧)، و «طبقات» ابن سعد (٢/ ١٩٠) قوله صلى الله عليه وسلم لأسامة: «يا أسامة، سِر على اسم الله وبركته، حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل .. »، وانظر «الروض الأُنف» (٤/ ٢١٦ - ٢١٧).
(¬٤) انظر «الاستيعاب» لابن عبد البر (٤/ ١٢٥٢)، و «السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة» لبريك العمري (١/ ٢٦١).
(¬٥) انظر «الاشتقاق» للأزدي (ص/٤٧٦).

الصفحة 1303