كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

الصَّانع وصفاتِهِ، وكيفيَّة دلالة المُعجزة على صدقِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وظهورِ المُعجزات عليه.
٤ - ولو جوَّزنا القَدْحَ في الدَّلائلِ العقليَّةِ القطعيَّةِ؛ صارَ العقلُ مُتَّهمًا غير مَقبول القولِ في هذه الأصول؛ وإذا لم نُثبِت هذه الأُصول، خَرَجت الدَّلائلُ النَّقليَّة عن كونِها مُفيدةً.
فثبتَ أنَّ القَدْحَ لتصحيحِ النَّقلِ، يُفضي إلى القَدْحِ في العقلِ والنَّقل مَعًا، وأَنَّه باطل.
ولمَّا بَطلت الأَقسامُ الأربعةُ، لم يبقَ إلَاّ أن يُقطع بمُقتضى الدلائلِ العقليَّة، القاطعةِ بأنَّ هذه الدَّلائلَ النَّقليَّةَ إمَّا أن يُقال: غيرُ صحيحةٍ، أو يُقال: إنَّها صحيحة، إِلَّا أنَّ المُراد منها غيرُ ظواهرها» (¬١).
ثمَّ جاء المُعاصرون بعده بقرونٍ على غرار واحدٍ، يَطَؤُون مَواقع قدمِ الرَّازي في هذا القانون، ويتحجَّجون به في غاراتهم على أحاديث «الصَّحيحين».
فهذا (حَسن عَفانة) يقول في تقدِمة كتابه العابثِ بهما: « .. لقد التزَمتُ بهذا القانون، أي جَعلتُ العقلَ للرَّبط، لا للاستدلال به، وقد رَددتُّ بعضَ الأخبارِ متنًا بناءً على ذلك» (¬٢).
وذاك (سامر إسلامبولي)، يُقرِّر في توطئة تسويدٍ له سَبْقَ العقلِ على «النَّقل، فالنَّقل نِتاجٌ لتفاعلِ العقلِ مع الواقع، ممَّا يؤكِّد هيمنةَ العقل، وسيادته على النَّقل» (¬٣).
وقبلهما (حَسنُ التُّرابي)، الَّذي حينَ أنكرَ ما استقرَّ عليه عَقد أهل السُّنة من نزولِ المَسيحِ عليه السلام آخرَ الزَّمان، فقيل له في صِحَّة الأحاديثِ في ذلك، أجاب
---------------
(¬١) «أساس التَّقديس» للرازي (ص/١٣٠).
(¬٢) «صحيح البخاري مخرَّج الأحاديث محقَّق المعاني» لحسن عفانه (١/ ٤).
(¬٣) «تحرير العقل من النقل» (ص/٧).

الصفحة 131