كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 3)

تاريخيَّة واحدة! تَفرَّد بها عبد الرَّحمن بن أبي الزِّناد (ت ١٧٤ هـ) يقول فيها: «كانت أسماء بنت أبي بكر أكبر مِن عائشة بعشر سنين» (¬١)، وفي روايةِ ابن عبد البرِّ عنه: «بعشر سنين أو نحوها» (¬٢).
فأمَّا ابن أبي الزِّناد هذا، فيقول فيه أحمد: «ضعيفُ الحديث» (¬٣)، و «مضطرب الحديث» (¬٤).
ويقول ابن معين: «ليس مِمَّن يَحتَجُّ به أصحاب الحديث» (¬٥).
ولم يَرتضِه معهما ابنُ مهدي، ويحيى القطَّان، وأبو زرعة الرَّازي، ولا أكثر المُحدِّثين في روايتِه (¬٦)، غيرُ قلَّةٍ مَشَّت حالَه (¬٧)، بِما لَا ينهضُ لمِدافعةِ تضعيفِ الأئِمَّة له.
ولَئِن سَلَّمنا قولَ هؤلاءِ القِلَّة فيه، فليس يتَّجِه الحكمُ بصحَّةِ ما يَنفرد به عن الحُفَّاظ الثِّقات (¬٨)، ولذا نَقل الخَطيبُ اتِّفاقَ أهل النَّقلِ عل تضعيفِه، وقال: «أجمعَ الحُفَّاظ على تركِ الاحتجاجِ به فيما انفردَ به» (¬٩).
فعلى هذا يكون خبرُه في الفَرقِ بين عُمرَيْ عائشة وأسماء رضي الله عنهما مَردودًا عليه! فضلًا عن انفراده به دون أهلِ الحديثِ والتَّواريخِ، ومخالفته لما يُقرِّرونه تَواترًا من سِنِّ عائشة.
---------------
(¬١) رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٦٩/ ١٠).
(¬٢) «الاستيعاب» لابن عبد البر (٢/ ٦١٦).
(¬٣) «الضعفاء الكبير» للعقيلي (٢/ ٣٤١).
(¬٤) «تهذيب التهذيب» (٤/ ٤١).
(¬٥) «تهذيب التهذيب» (٤/ ٤١).
(¬٦) انظر أقوال العلماء في تضعيفه في «تاريخ بغداد» (١١/ ٤٩٤).
(¬٧) كالترمذي في «الجامع» (ك: اللباس، باب ما جاء في الجمة واتخاذ الشعر، بعد حديث رقم: ١٧٥٥)، والعجلي في «الثقات» (ص/٢٩٢).
(¬٨) كما قرره ابن حبان في «المجروحين» (٢/ ٥٦).
(¬٩) «المتفق والمفترق» (١/ ١٦٣) بتصرف يسير.

الصفحة 1721