كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

ثمَّ صَرَّح بوَضْعِه: الباقِلَّاني (¬١)، وابنُ طاهرٍ المَقدسيُّ، وابن الجوزيِّ (¬٢)، وابن تيميَّة (¬٣)، وابن حجرٍ العسقلانيُّ (¬٤).
فإذا ما احتجَّ الإماميَّة بقولِ الحاكمِ النَّيسابوريِّ (ت ٤٠٥ هـ): «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشَّيخين، ولم يُخرجاه» (¬٥).
فالجواب عليهم أن يُقال:
قد تعَّقبَ الذَّهبيُّ الحاكمَ في إسنادِ هذه الرِّواية، حيث قال في «تلخيصِه لمُستدركِه»: «ابنُ عِياضٍ لا أعرفُه؛ ولقد كنتُ أظنُّ زمانًا طويلًا، أنَّ حديث الطَّير لم يَجسُر الحاكمُ أن يُودِعَه في مُستدرَكه، فلما علقتُ هذا الكتابَ، رأيتُ الهولَ مِن المَوضوعاتِ الَّتي فيه، فإذا حديثُ الطَّيرِ بالنِّسبةِ إليه سماء!».
وأمَّا قول الحاكم في الحديث أيضًا: «قد رواه عن أنسٍ زيادةً على ثلاثين نفسًا»:
قد تَعَقَّبه فيه الذَّهبي أيضًا بقولِه: «صِلْهُم بثقةٍ يَصحُّ الإسنادُ إليه!» (¬٦)؛ وهو يعني: أنَّ الطُّرقَ إلى هذه الأنفسِ الثَّلاثين لا تَصِحُّ إليهم أصلًا، وقد أبانَ عن هذه الحقيقة الخَليليُّ (ت ٤٤٦ هـ) مِن قبلُ، حين قال: «ما رَوى حديثَ الطِّيرِ ثقةٌ، رواه الضعفاء .. ويَردُّه جميعُ أئمَّة الحديث» (¬٧).
وهذا الكلام من الخليليِّ يُصدِّقه ما تَوصَّل إليه الذَّهبيُّ في جزءٍ له جَمَعه لهذا الحديثِ، فبعد ما أورَدَ طُرقًا له مُتعدِّدة قال: «يُروَى هذا الحديث مِن وجوهٍ باطلةِ أو مُظلمة: عن حجَّاج بن يوسف، وأبي عصام خالد بن عبيد، ودينار أبي مكيس .. ».
---------------
(¬١) كما في «البداية والنهاية» لابن كثير (١١/ ٨٣).
(¬٢) «العلل المتناهية» لابن الجوزي (١/ ٢٣٤).
(¬٣) «منهاج السنة» (٤/ ٩٩).
(¬٤) «لسان الميزان» (٤/ ١٣٦) في ترجمة سليمان بن حجَّاج.
(¬٥) «المستدرك على الصحيحين» (٣/ ١٤١).
(¬٦) نقله عنه ابن كثير في «البداية والنهاية» (١١/ ٧٦).
(¬٧) «الإرشاد» (١/ ٤٢٠).

الصفحة 173