كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

يكون المُبلِّغون أهلَ التَّواتر الَّذين يحصُل العلم بخَبرِهم للغائب، وخبرُ الواحدِ لا يُفيد العلمَ بالقرآنِ والسُّنن المُتواترة ...
ثمَّ عِلمُ الرَّسول صلى الله عليه وسلم مِن الكتابِ والسُّنة قد طَبَّق الأرضَ، وما انفرَدَ به عليٌّ رضي الله عنه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فيَسيرٌ قليلٌ، وأجَلُّ التَّابعين بالمدينة هم الَّذين تَعلَّموا في زمنِ عمر وعثمان، وتعليمُ معاذٍ للتَّابعين ولأهلِ اليَمنِ، أكثرُ مِن تعليمِ علي رضي الله عنهم، وقدِمَ عليٌّ على الكوفة، وبها مِن أئمَّة التابعين عددٌ .. » (¬١).
وقال في مَوضعٍ آخر: « .. وهذا الحديث إنَّما افتراه زنديقٌ أو جاهلٌ، ظنَّه مَدحًا، وهو مُطرِّقُ الزَّنادقة إلى القدحِ في علمِ الدِّين! إذْ لم يُبلِّغه إلَّا واحدٌ مِن الصَّحابة؛ ثمَّ إنَّ هذا خلافُ المَعلوم بالتَّواتر .. » (¬٢).
وبهذا يَبين للمُنصف بأنَّ البخاريَّ ومُسلمًا إنَّما تحاشا هذا الحديث عن علمٍ ودرايةٍ بمُشكلاتِه سندًا ومتنًا، فنَزَّها «صحيحَيْهما» أن يَتَلطَّخا بمثلِ هذه الواهِياتِ المُشِينات، وإن حسِبَها الوَضَّاعون لعليٍّ رضي الله عنه مِن المَنْقَبات.
---------------
(¬١) «منهاج السنة» (٧/ ٥١٥).
(¬٢) «مجموع الفتاوى» (٤/ ٤١٠).

الصفحة 181