كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

ومرَدُّ هذه التُّهمة إلى مُتشيِّعةِ الكوفة، حين خالَفهم في تقديمِ عثمان على عليٍّ رضي الله عنهم -وهو بَلديُّهم- عَدُّوه لذلك مُنحرفًا على عليٍّ رضي الله عنه! قاله يعقوب بن شيبة (ت ٢٦٢ هـ) (¬١).
٢ - أبو قلابة الجَرمي (ت ١٠٤ هـ): مِن كبار ثِقات التَّابعين، روى له الشَّيخان، ولم يثبُت عنه نصبٌ؛ أمَّا قولُ العِجليّ فيه: «كان يحمِل على عليٍّ رضي الله عنه، ولم يَروِ عنه شيئًا» (¬٢) مَردود، فإنَّ أحدًا لم يذكُره بنصبٍ، بل رَوى أبو قلابة عن عليٍّ رضي الله عنه مُرسلًا (¬٣)، وهذا يُبيِّن مَزيدَ حرصِه على الرِّواية عنه ولَو بواسِطة، بل حَدَّث بخَبرٍ فيه منقبَةٌ لعليٍّ رضي الله عنه في سُننِ ابن ماجه (¬٤).
٣ - ميمون بن مهران (ت ١١٧ هـ): لم يرمِه بالتَّحامل على عليٍّ إلَاّ العجليُّ، حيث قال: «كان يحملُ على عليٍّ رضي الله عنه» (¬٥)، وهذا لا يصحُّ، وقد نفى عنه الذَّهبي هذه التُّهمة من العجليِّ بقولِه: «لم يثبُت عنه حملٌ، إنَّما كان يُفضِّل عثمانَ عليه، وهذا حقٌّ» (¬٦).
وقد روى له مسلم في «صحيحه».
٤ - يزيد بن هارون (ت ١١٨ هـ): أحد أئمَّة السُّنة المشهورين، روى له الشَّيخان، لم يتَّهمه بالنَّصبِ إلَّا أحمد بن الصِّديق الغُماريُّ فيما أعلم، لما ورد عن يزيد أنَّه قيل له: «لِمَ تُحدِّث بفضائل عثمان، ولا تُحدِّث بفضائل عليٍّ؟ فقال: إنَّ أصحاب عثمان مأمونون على عليٍّ، وأصحاب عليٍّ ليسوا بالمأمونين على عثمان» (¬٧).
---------------
(¬١) «سير أعلام النبلاء» (٤/ ١٩٩)، و «تهذيب التهذيب» (٨/ ٣٤٧).
(¬٢) «معرفة الثقات» للعجلي (٢/ ٣٠).
(¬٣) «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص/١١٠).
(¬٤) في (ك: فضائل الصحابة، باب: فضائل زيد بن ثابت، رقم: ١٥٤).
(¬٥) «الثقات» للعجلي (٢/ ٣٠٧).
(¬٦) «سير النبلاء» (٥/ ٧٦).
(¬٧) «تاريخ دمشق» (٣٩/ ٥٠٣)، و «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (١/ ٢٩٢).

الصفحة 199