كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

والبخاريُّ إنَّما رَوى عنه روايتين لا أكثر (¬١)، إحداهما مُتابَعة بغيرها (¬٢)، ولا يضرُّ التَّخريج عمَّن هذا سبيلُه في المتابعات؛ والرِّواية الأخرى خرَّجها أصالةً (¬٣)، لكنَّها في الأحكامِ، ولا علاقة لها ببدعتِه البتَّة.
هذا؛ وقد نُقل عن عمران توبتُه مِن رأيِه الشَّنيعِ (¬٤)، والتَّائب مَقبول روايتُه حال تحمُّلها ولو في كفرِه بلا خلاف (¬٥)؛ فإن كان الأمر كذلك، فتُحمَل روايتُه المُفرَدة هذه الَّتي في البخاريِّ على أنَّ الرَّاوي عن عمرانَ -وهو يحيى ابن أبي كثير- أخذها عنه بعد توبتِه؛ أمَّا إن كان لم يتُب، فعلى «قاعدة البخاريِّ في تخريجِ أحاديثِ المُبتدِع، إذا كان صادِقَ اللَّهجة مُتديِّنًا» (¬٦).
وبعد؛
فعقِب النَّظر في جملةِ مَن ذُكر في هذه الأقسام مِمَّن رُمي بالنَّصب مِن رُواة أحاديث «الصَّحيحين»، وجدنا أنَّ أغلبَ هؤلاء مِمَّن لا يجوز أن يُوصَفوا بالنَّصب أصلًا، أعني بهم:
القسم الأوَّل بأكملِه، لعدم ثبوتِه عليهم، وهم تسعة رُواة.
ومعهم القسم الثَّالث: وهم راوِيان، لتركِهما له.
وثلاثةٌ مِن القسم الأوَّل: لعدمِ رُجحانِ ثبوتِ النَّصبِ عليهم، هم أقربُ إلى الشَّك، فالأصل فيهم السَّلامة أو التَّوقُّف على أقلِّ تقدير، وهم المُرَّقَمون في هذا القسم بـ: (١، ٤، ٧)، أوسَطُهم قد رُوِي له مَقرونًا أو مُتابَعًا بغيره من الثِّقات.
---------------
(¬١) «فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ٢٩٠).
(¬٢) في (ك: اللباس، باب: لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه، رقم: ٥٨٣٥)، وانظر «هدى الساري» (ص/٤٣٣).
(¬٣) في (ك: اللباس، باب: نقض الصور، رقم: ٥٩٥٢).
(¬٤) ذكره أبو زكريا الموصلي في «تاريخ الموصل»، كما في «الفتح» لابن حجر (١/ ٤٣٣).
(¬٥) انظر «مقدمة ابن الصلاح» (ص/١٢٨) في النوع (٢٤): معرفة كيفية سماع الحديث، وتحمله، وصفة ضبطه.
(¬٦) «فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ٢٩٠).

الصفحة 206