كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

مَناكير، وثابتٌ لا يُعرَف، والحديثُ منكرٌ، وفي الميزان: ثابت الحفَّار عن أبي مليكة بخبرٍ مُنكر» (¬١).
كذا قال؛ وعند الرُّجوعِ بالحديث إلى مَظانِّه الأصليَّة، نجدُ أنَّ البخاريَّ أورَدَه ضمنَ «كتاب الطِّب»، في باب «الشَّرط في الرُّقية بقطيع من الغنم»، مِن حديث ابن عبَّاس في سياقٍ آخر! يقول فيه: أنَّ نفرًا مِن أصحابِ النَّبي صلى الله عليه وسلم مَرُّوا بماءٍ، فيهم لَديغ أو سَليم، فعَرَض لهم رجلٌ مِن أهلِ الماء، فقال: هل فيكم مِن راقٍ؟ إنَّ في الماء رجلًا لَديغًا أو سليمًا، فانطلقَ رجلٌ منهم، فقرأَ بفاتحةِ الكتابِ على شَاءٍ، فبَرَأ! فجاءَ بالشَّاءِ إلى أصحابِه، فكرِهوا ذلك، وقالوا: أخذتَ على كتابِ الله أجرًا! حتَّى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذَ على كتابِ الله أجرًا، فقال رسول الله ... » الحديث.
بينما الَّذي أورده ابن عديٍّ (¬٢) -وعنه ابنُ الجوزي (¬٣) - هو حديثٌ آخر لعائشة، لا علاقة له بحديث ابنِ عبَّاس في البخاريِّ! ففيه سؤالها إيَّاه صلى الله عليه وسلم عن كسبِ المُعلِّمين.
ورجالُ سَندِ البخاريِّ غير رجالِ ابن عَديٍّ (¬٤)، وليس في رجالِ البخاريِّ مَن يُتَّهم، ولذلك عَمَّى (شيح الشَّريعة) على قُرَّائه إسنادَ البخاريِّ ومتنَ حديثِه كاملًا، كي لا يُلحظَ هذا التَّباين! وقد جنى بسوءِ قصدِه هذا على نفسِه، ولم يضُرَّ البخاريَّ بشيء.
وأمَّا الفصل الثَّالث: فليسَ فيه مِمَّا يَستدعي النَّظر، غير قدحِه في دينِ خمسةٍ مِن الصَّحب الكِرامِ والتَّنقيص من حِفظهِم، وهم: أبو هريرة، وأبو موسى
---------------
(¬١) انظر «القول الصُّراح» (ص/١٥٤).
(¬٢) أخرجه ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (٦/ ٢٦٢).
(¬٣) «الموضوعات» لابن الجوزي (١/ ٢٢٩).
(¬٤) لا يشترك السَّندان إلا في ابن أبي مليكة.

الصفحة 214