كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 1)

ولكنَّهم يقرِنون مع حكمِ الإسنادِ ما يُفيد المنعَ مِن قَبولِ مُقتضاه في المتن في الغالب، كأن يقولوا: «سَنَده صَحيح، والحديث باطل، أو مُنكَر المتنِ» ونحو هذا مِن العِبارات (¬١)،
ولا يَكتفون بقولِ: «إسنادُه صحيح» فقط، نظرًا لما عُهِد مِن منهجِهم أنَّ الإمامَ مِنهم إذا اقتصَرَ على ذلك، دَلَّ غالبًا على أنَّه لم يَطَّلِع على عِلَّةٍ في المتن، فيكون تصحيحًا للحديثِ كلِّه (¬٢).
---------------
(¬١) وأمثلة هذا في مُمارسات المحدِّثين كثيرة، منها -على سبيل المثال- حديث: «الربا ثلاثة وسبعون بابا، أيسرها أن ينكح الرجل أمَّه .. »، قال فيه البيهقي في «شعب الإيمان» (٧/ ٣٦٣): «هذا إسناد صحيح، والمتن منكر .. ، ولا أعلمه إلا وهمًا».

ويقول السَّخاوي في «فتح المغيث» (١/ ١٢١): «أورَدَ الحاكم في مُستدركِه غيرَ حديثٍ يحكم على إسناده بالصِّحة، وعلى المتن بالوَهاء، لعلَّتِه أو شذوذِه، إلى غيرهما [يعني النَّسائي والحاكم] مِن المتقدِّمين، وكذا من المتأخِّرين كالمزِّي، حيث تكرَّر منه الحكم بصلاحيَّة الإسناد ونكارة المتن».
(¬٢) انظر «معرفة أنواع علوم الحديث» لابن الصلاح (ص/٣٨)، واختار ابن حجر التمييز بين من يُفرِّق في حكمه بين (إسناد صحيح) و (حديث صحيح)، وبين من يعبِّر بقوله (إسناد صحيح) عن الحديث كليَّةً سندًا ومتنًا، بحسب الاستقراء من حاله، انظر «نُكته على ابن الصلاح» (١/ ١١٨ - ١١٩).

الصفحة 604