كتاب المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين (اسم الجزء: 2)
قال: فقال لرجلٍ آخر غير الَّذي قَتلها، فأشارت: أن لا، فقال: «ففُلان؟» لقاتلِها، فأشارت: أن نعم، فأمرَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرضخَ رأسَه بين حَجرين (¬١).
هذا الحديث ادَّعى (زكريَّا أوزون) (¬٢) و (إسماعيل الكرديُّ) (¬٣) و (جمال البَنَّا) (¬٤) أنَّ أبا حنيفةَ رَدَّه لمُعارضتِه ما هو مَعروفٌ في الشَّرعِ من قتلِ المَقتولِ مِن غير بيِّنةٍ، وينقلون عنه أنَّه قال فيه: «إنَّه هَذَيان» (¬٥)!
ومثل هذا لا يثبُت عن أبي حنيفة، حيث جاء عنه من طريقين:
الأوَّل: من طريق زكريَّا السَّاجي، عن عصمة بن محمد، عن العباس بن عبد العظيم، عن أبي بكر بن أبي الأسود، عن بشر بن المفضل، أنَّه سأل أبا حنيفة .. إلخ الكلام (¬٦).
وزاد ابن عبد البرِّ في سنده مع عصمة هذا: سعيد بن محمد بن عمرو (¬٧).
وكلاهما عصمة وسعيد لم أجد لهما ترجمة، والرَّاجح أنَّهما غير مَعروفين، فلا تقوم بمثلهما حجَّة.
والثَّاني: من طريق محمَّد بن عمر بن بهتة، عن أحمد بن محمَّد بن سعيد المعروف بابن عقدة الكوفي، عن موسى بن هارون بن إسحاق، عن العبَّاس بن عبد العظيم بنفس الإسناد الأوَّل (¬٨).
---------------
(¬١) أخرجه البخاري بهذا اللفظ في (ك: الطلاق، باب الإشارة في الطلاق والأمور، رقم:٤٩٨٩)، ومسلم في (ك: القسامة، باب: ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره، رقم: ١٦٧٢).
(¬٢) «جناية البخاري» (ص/٧٤).
(¬٣) «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/٥٢).
(¬٤) «تجريد البخاري وسلم» (ص/١٦).
(¬٥) «تاريخ بغداد» (١٥/ ٥٣٠).
(¬٦) أخرجه ابن حبَّان في «المجروحين» (٣/ ٧٠).
(¬٧) «الانتقاء» لابن عبد البر (ص/١٥١).
(¬٨) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (١٥/ ٥٣٣).