كتاب مقدمة في أصول البحث العلمي وتحقيق التراث
ح- تحقيق النصوص:
وهذا مجال اتجه إليه الباحثون في عصرنا الحاضر، ولعلهم وجدوه ميسورًا كسابقه, إذ لا يكلف الواحد منهم سوى البحث عن مخطوط لم ينشر، أو نشر غير محقق فيقوم بتحقيقه، وضبط نصوصه وتحريرها.
ولا أريد أن أدخل في أصول التحقيق؛ لأني سأعالجه في باب خاص من هذا الكتاب.
والعيب في هذا المجال من مجالات البحث أن كثيرًا ممن يلجون بابه من طلاب العلم يفعلون ذلك بدون خبرة كافية، وتحقيق النصوص بالدرجة الأولى خبرة وفطنة أكثر منه معارف.
ولأجل هذا, فإن البحث في تحقيق النصوص تعظم قيمته إذا اقترن به دراسة جادة لمؤلف المخطوط, تكشف عن جهده العلمي وآرائه التي تفرد بها.
وهذه المجالات المتعددة تختلف -بلا ريب- من حيث القيمة العلمية، وأعلاها أولها، ويليها الثاني، وكذا بحوث التعقيبات والنقائض.
لكن الذي أريد أن أؤكده أن قدرة الباحث, وفطنته، وتمكنه من مادته يجعل لبحثه قيمة عالية، ولو كانت طبيعة البحث من هذا اللون الوصفي الذي لا يتطلب جهدًا كبيرًا, أو إمعانًا في النظر والتحري والتمحيص.
عدة الباحث وخلقه العلمي:
لا بد لمن يلج ميدان البحث العلمي أن يتوافر فيه عدد من الخصائص والسلوكيات, حتى يخرج بحثه على الصورة المرجوة التي تثري المعرفة الإنسانية، وتضيف إليها الجديد والمفيد:
1- غزارة العلم، وسعة المعرفة، والخبرة الواسعة بالميدان الذي يبحث فيه حتى يمكنه استخراج ما هو محتاج إليه من بطون المراجع, والموسوعات العلمية.
الصفحة 16
240