كتاب مقدمة في أصول البحث العلمي وتحقيق التراث

وأن يقرأ كل ما يتصل ببحثه من مؤلفات, قديمها وحديثها.
وأن يحس فهم ما يقرأ، ويدرسه دراسة فاحصة متأنية حتى لا يقع في الخطأ أو الوهم.
2- ألا يأخذ ما يقرأ مما انتهى إليه غيره قضية مسلمة لا تقبل المراجعة مهما كانت شخصية هذا الباحث، وليضع في اعتباره هذه الحقيقة: يعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال.
3- الموضوعية، ومعنى هذا أن يكون جهد الباحث منصبًّا على الموضوع الذي يبحث فيه بصرف النظر عمن بحثوا في هذا الموضوع، ويمكن أن يأخذ ما تبين له أنه حق مهما قيل في صاحب هذا الرأي من اتهامات، وأن يرد ما رآه باطلًا، ولو كان صاحبه معظمًا في عيون الناس, فالحكمة ضالة المؤمن ينشدها أنَّى وجدها.
فلا أرد رأيا حسنا في القضية للزمخشري -مثلًا- لأنه معتزلي، ولا رأيا وجيها لنافع بن الأزرق؛ لأنه من الخوارج.
بل أطلب الحق حيث وجد، وللحق مقاييس معروفة في مقدمتها الموافقة لكتاب الله، والسنة الصحيحة، والعقل الصريح، والواقع المحس.
ولا بد من اتزان الأسلوب, فلا يكون إنشائيا مفعما بالمشاعر، متأثرا بالعواطف، يثير الشعور، ولا يقنع العقول.
بل لا بد من الأناة والروية والتعقل والحيدة التامة.
4- النزاهة، وتعني البعد عن الهوى والتعصب في عرض الآراء ومناقشتها، والبعد عن التحامل، فيعرض رأي الغير وفكره كما يعرض آراءه الشخصية.
5- الأمانة العلمية، وتتطلب من الباحث الدقة في النقل، وعدم التسامح في لفظ أو عبارة، أو حرف واحد مما ينقل، وذلك إذا كان الأمر في مجال الاستشهاد بنص معين، أما إذا كان المراد مجرد عرض رأي أو فكر علم من الأعلام فلا يلزم النقل النصي, ويشير فقط إلى المصدر الذي عرف منه الباحث هذا الرأي.

الصفحة 17