كتاب مقدمة في أصول البحث العلمي وتحقيق التراث

سلبيات على طريق التحقيق:
على نحو ما فصلنا في الفصول السابقة توفر على نشر التراث مؤسسات عدة، قديمة وحديثة، حكومية وشعبية على امتداد العالم الإسلامي, بل والعالم الغربي الذي شارك في هذا المجال من خلال المستشرقين دعمًا للتراث الإنساني أو لأهداف أخرى يعلمها الله، ونعلم بعضًا منها.
ولأجل هذا لست في حاجة إلى إعادة لأمر وضحته؛ وذلك لأن مراحل نشر التراث التي بسطت جوانبها تكشف عن المراحل التي مر بها التحقيق العلمي للتراث, حتى وصل إلى الصورة التي هو عليها الآن.
وجهود القائمين على نشر التراث لا تحتاج إلى دليل, أو برهان.
لكن هذه الأعمال العظيمة لا تخلو من شوائب نحب أن ننبه إليها حتى لا يقع المعاصرون في شيء مما وقع فيه سابقوهم.
1- الازدواجية:
في مقدمة هذه السلبيات: الازدواجية في مجال نشر التراث، فقد نجد مخطوطًا واحدًا نشرته عدة جهات، بعضها مجرد نشر خالٍ من أصول التحقيق العلمي، وبعضها محقق تحقيقًا واحدًا.
ومن هنا نأسى على الجهد الضائع، والمال المهدر؛ إذ لو كان هناك تنسيق صادق أمين لوفرنا هذا الجهد لإحياء مخطوط حبيس على رفوف المكتبات هنا وهناك، بل إن بعض الجهات القائمة على هذا الأمر عندها مخطوطات محققة ومعدة, ويعوزها المال لإخراجه.
بل إننا بكل أسف نجد هذه الازدواجية في الرسائل الجامعية, وفي مجال التحقيق

الصفحة 229