كتاب مقدمة في أصول البحث العلمي وتحقيق التراث

العلمي مما يؤكد ضرورة وجود لون من التلاقي, والتنسيق بين الجامعات الإسلامية توفيرًا للجهد، ولكي نسير في هذا المضمار خطوات إلى الأمام.
ولعل رابطة الجامعات الإسلامية، ومقرها الرباط, تنهض بهذا العبء الهام، وأرى أنها بقيادتها مؤهلة لذلك.
قد تسد الدوريات الصادرة عن بعض مؤسسات التحقيق جزءًا من هذه الثغرة, لكن حاجتنا إلى تنسيق كامل لا تزال قائمة.
2- ما التراث الذي نحييه؟:
الإجابة عن هذا السؤال تكشف عن خلل واضح في هذا الصدد, إنه مما لا ريب فيه أن تراثنا لحق به قدر لا بأس به من الزيف والدخيل الذي يعصف بما فيه من قيم فاضلة، ومبادئ سامية، وهذا الأمر يفرض علينا أن نتخير ما نخرجه للناس وما ننشره فيهم، منه ما هو كفيل باستمرار المسيرة على الدرب الصحيح، وما سوى ذلك مما لحقه الزيف فهو قطعة شاهدة على جزء من التاريخ، فليظل مكانه مقصورًا على أهل البحث والدرس القادرين على أن يميزوا الخبيث من الطيب.
وإننا لنعجب للمستشرق آرثر جفري لم يجد أمامه كتابًا ينشره من تراثنا إلا كتاب المصاحف للسجستاني، وهو كتاب فيه ما فيه مما يزلزل إيمان المؤمنين بالكتاب العزيز. إن اختيار هذا المخطوط بصفة عامة إنما يريد الطعن في ديننا وتراثنا من خلال التظاهر بالحرص على نشر تراث المسلمين.
وإذا حدث هذا من المستشرق جفري، فهو أمر غير جديد على هؤلاء.
لكن عندما نرى الأزهر الشريف ومجمع البحوث يتصدى لنشر الجامع الكبير للسيوطي، وفيه الكثير من الموضوع والضعيف، فذلك أمر غير مستساغ، أو أن يسهم في فترة من الفترات في نشر كتاب الأخلاق المتبولية للشعراني، وفيه من الزيف ما لا يطاق ولا يحتمل، فهذا دليل على وجود خلل في خطة إحياء التراث.

الصفحة 230