كتاب مقدمة في أصول البحث العلمي وتحقيق التراث

وكان العرب يطلقون على كل رجل يكتب ويجيد الرمي والسباحة لقب "الكامل"1.
وجاء الإسلام فأشرق بنوره على جزيرة العرب، فمحا الأمية ونشر الكتابة وظهر الكتاب، وكان هذا الأمر مقصدًا من المقاصد الرئيسية للشريعة الهادية, والدستور الحكيم.
وحسبنا من هذا أن الكتاب العزيز نزلت آياته الأولى هادفة إلى هذه الغاية الكريمة، مما يؤكد أن الدعامة الأولى للإسلام هي العلم. يقول تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: آية 1-5] .
وأعلن النبي -صلى الله عليه وسلم- أول حرب على الأمية في التاريخ؛ إذ كان يطلب إلى غير القادر من أسرى بدر أن يعلم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة.
وكان للنبي -صلى الله عليه وسلم- كتاب كثيرون، فبلغ كتاب الوحي نحو أربعين كاتبًا, في مقدمتهم الخلفاء الأربعة, وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وشرحبيل بن حسنة، وعبد الله بن رواحة، ومعاوية بن أبي سفيان، وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص، كما كان له كتاب للمداينات، والصدقات، والمعاملات، وكتاب للرسائل يكتبون باللغات المختلفة2.
__________
1 انظر: عيون الأخبار لابن قتيبة جـ2 ص168.
2 انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني جـ1 ص260 وما بعدها، وانظر المصباح المضيء في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عرب وعجم لمحمد بن علي الأنصاري "مخطوط بمكتبة الأوقاف بحلب" تحت رقم 270 ص16 وما بعدها، وانظر لمحات في المكتبة لمحمد عجاج الخطيب ص31.

الصفحة 38