كتاب المجتنى
ابن الأهتم عن قيس بن عاصم فمدحه فقال قيس: والله يا رسول الله! لقد علم أنى خير مما وصف ولكنه حسدنى، فذمه عمرو بن الأهتم فقلا: يا رسول الله! لقد مدحت (¬1) في الأولى وما كذبت في الأخرى، فعند ذلك قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: إن من البيان لسحرا، يريد أن البليغ يبلغ ببيانه ما يبلغه الساحر في لطافة حيلته، وقد ذكر أن متكلما تكلم عند بعض الخلفاء فأفصح وبين فقال: هذا السحر الحلال.
قوله صلى الله عليه وآله وسلم "الصحة والفراغ نعمتان" يريد أن من افضل النعم العافية والكفاية، لأن الإنسان لا يكون فارغا حتى يكون مكفيا، والعافية هي الصحة فمن عوفى وكوفى فقد عظمت عليه النعمة، وهذا كلام (¬2) اراد به عبد الله بن عمر حين سئل: أى العيش افضل؟ فقال: الأمن والعافية ثم غليلتى أتقوتها وأستغنى بها عن الناس - او كما قال، فأنبأ صلى الله عليه وآله وسلم: أن الصحة والفراغ نعمتان من المنعم جل جلاله يوجبان الشكر له عليهما لا التمادى في العصيان فاشكروا الله عليهما ولا تكونوا كمن كفر نعمة المنعم وطغى عند الصحة والكفاية.
قوله صلى الله عليه وآله وسلم "نية المؤمن خير من عمله" يريد عليه السلام أن المؤمن ينوى الأشياء وأبواب البر نحو الصدقة والصوم وغير ذلك فلعله يعجز عن بعض ذلك وهو معقود النية عليه فنيته خير من عمله.
قوله صلى الله عليه وآله وسلم "الولد ألْوَط" وهذا الكلام يروى عن أبى بكر رضي الله عنه انه قال: والله! إن عمر لأحب الناس الىّ ثم قال: "أستغفر الله الولد الوط" ومعنى الوط: الصق بالقلب، وأصل اللوط طليك الحوض وغيره بالمدر لئلا يخرج منه الماء، تقول: لطت الحوض ألوطه لوطا، ومنه قولهم: "هذا شىء لا يلتاط بصفرى" اى لا يقع في خلدى، وفي الحديث: "تلوط حوضها وتبغى ضالتها" يعنى راعى الإبل.
¬__________
(¬1) كذا والمعروف: صدقت.
(¬2) لعله: "كما".
الصفحة 11
74