كتاب المجتنى

بان الشباب وحب الخالة (¬1) الخلبة
وقال آخر:
وشر الرجال الخالب الخلبوت (¬2)
اى الخداع ومنه البرق الخلب الذى لا ماء فيه.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "اياكم وخضراء الدمن" قاله صلى الله عليه وسلم في بعض ما كان يؤدب به اصحابه، وقد فسر هذا الكلام في الحديث، وله تفسيران: قال بعضهم يريد المرأة الحسناء في المنبت السوء، وتفسير ذلك ان الريح تجمع الدمن وهو البعر في البقعة من الارض ثم يركبه الساقى فاذا أصابه المطر نبت نبتا غضا ناعما يهتز وتحته الدمن الخبيث، يقول: فلا تنكحوا هذه المرأة لجمالها ومنبتها خبيث كالدمن، فإن اعراق السوء تنزع اولادها؛ والتفسير الآخر بمعنى قول زفر بن الحارث شعر:
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى * وتبقى حزازات النفوس كما هيا
يقول: نحن وإن اظهرنا لكم بشرا فان تحته الحق والسخيمة كهذا الدمن الذي يظهر فوقه النبت مهتزا وتحته الفساد، وهذا نحو قول الآخر - وهو عمير بن الحباب:
وفينا وإن قيل اصطلحنا تضاغن * كما طر أوبار الجراب على النشر
الجراب: الجربى من الابل؛ والنشر: أن يظهر الوبر على الدبر؛ فيغطيه فيكون فيه الفساد، يقول: نحن وإن تداجينا وأظهرنا صلحا كالشعر او الوبر النابت على الدبر فظاهره سليم وباطنه دو، ويقول في بيت آخر:
يظل اذا اقبلت كاسر عينه * ولا جن بالبغضاء والنظر الشزر
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "وإن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطا او يلم" هذا كلام من ابلغ الكلم في تحذير الدنيا والركون اليها وذلك ان الماشية يروقها نبت الربيع منه بأعينها فربما تفتقت سمنا فهلكت يقول: من اعطى كثرا ورفاهية عيش في دنياه، فيجب ان يقتصد ولا ينهمك
¬__________
(¬1) الخالة: جمع خائل، وهو الرجل المختال. انظر: تهذيب اللغة 7: 230، جمهرة اللغة 2: 1056و3: 1319. ش
(¬2) رجل خلبوت: خدّاع مكّار. جمهرة اللغة 3: 1239. ش

الصفحة 5