كتاب المجتنى

عليه السلام أنه مر بقوم يربعون حجرا - او يجذبون حجرا - فسأل عن ذلك فقيل لينظروا ايهم اقوى - او كما قيل؛ فقال: ألا اخبركم بأشد من هؤلاء، من ملك نفسه عند الغضب - او كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (¬1).
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم "ليس الخبر كالمعاينة" هذا الكلام في حديث فيه بعض الطول يريد أنه لا يهجم على قلب المخبر من الهلع بالأمر والاستفظاع له مثل ما يهجم على قلب المعاين، ألا ترى ان الله عز وجل أخبر موسى أن قومه قد فتنوا بالعجل فلما عاين ذلك ألقى الألواح ضجرا وأخذ برأس اخيه، وقد طعن في هذا الحديث قوم فقالوا لم يصدق بما أخبره ربه، فلم يذهب الطاعن في هذا الحديث مذهبا مرضيا، موسى عليه السلام لم يشكك فيما اخبره به ربه ولكن للعيان روعة هي اذكأ للقاء (¬2) وأبعث لهلعة من المسموع، ألا ترى ان ابا مليل احد فرسان بنى يربوع لما قتلت بكر بن وائل ابنيه فأخبر بذلك لم يشكك فيه ولم يظهر منه الجزع مثل الذي رآهما صريعين فألقى نفسه عن فرسه عليهما وقد ايقن انهما قد قتلا فما شك عند الخبر وغلبه الجزع عند المعاينة.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم "المجالس بالأمانة" وهذا مما ادب به أمته صلى الله عليه وآله وسلم ومعناه أن الرجل يجلس إلى القوم فيخوضون في الأحاديث ولعل فيها ما ان نمى كان فيه ما يكرهون فيأتمنوه على اسرارهم، فأراد صلى الله عليه وآله وسلم ان الأحاديث التى تجرى بين اهل المجالس كالأمانة التى لا يحب ان يطلع عليها فمن اظهر احاديث الذين أمنوه على اسرارهم فهو قتات؛ وقد جاء في الحديث ذم القتات وهو النمام
¬__________
(¬1) حاشية نسخة المتحف: قال غير ابى بكر: ملك نفسه يعنى ضبطها، ومنه قولهم: ملكت العجين اذا انعمت عجنه قال الشاعر:
قالت سليمى لست بالحادى المدل * مالك لا تملك اعضاد الإبل
(¬2) كذا ولعله "انكأ للقلب" - ح.

الصفحة 7