كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 2)

أبو معاوية حدثنا عبد الرحمن بن إسحق عن النعمان بن سعد عن علي قال: أتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ فقال: يا رسول الله، أخبرِني بشهر أصومه بعد رمضان؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن كنت صائمًا شهرًا بعدَ رمضاْن فصم المحرَّم، فإنه شهر الله، وفيه يومٌ تاب فيه على قوم، ويُتاب فيه على آخرين".

1335 - حدثنا أسود بن عامرأخبرنا شَريك عن منصور عن ربعيّ عن علي قال: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أناسٌ من قريش، فقالوا: يا محمد، إنا جيرَاُنك وحلفاؤك، وإن ناساً من عبيدنا قد أتَوك، ليس بهم رغبةٌ في الدِّين، ولا رغبةٌ
__________
(1335) إسناده صحيح، وقد رواه أبو داود كما في المنتقى 4399، وهو عند الترمذي 4/ 327 عن سفيان بن وكيع عن أبيه عن شريك، وفيه زيادة ونقص وقال: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي عن علي، وهذا الحديث يدل على قاعدة عظية من أسس القواعد الإسلامية: أن يقبل ممن أسلم طاهر إسلامه، كما يدل عليه القرآن والسنة، وأنه لا يملك أحد، لا قاض ولا أمير، ولا ملك ولا خليفة، أن يبحث في الدوافع التي تدفع من أسلم إلى الإسلام، أسلم مخلصاً، أسلم متعوَّذَاً، أسلم طامعَاً، أسلم لأي شيء، كل ذلك سواء في ظاهر الحكم، لا نملك غير ذلك، حتى إن رسول الله، وهو الذي يوحي إليه، تغير وجهه لصاحبيه: أبي بكر وعمر، إذ ظنا أنه يجوز البحث في ذلك، لما بدا لهما من صحة القرائن التى شرحها هؤلاء الوفد من قريش، ولكن رسول الله اطرح كل هذا، وأثبت ظاهر الإسلام. وقد تأدب عمر بهذا الأدب الذي أدبه رسول الله، حتى لقد جاءه في خلافته رجل من الشعوب، أي الأعاجم، فشكا إليه أنه أسلم وأن الجزية تؤخذ منه، فقال عمر: "لعلك أسلمت متعوَّذَاً؟ " فقال الرجل: "أما في الإسلام ما يعيذني؟! " قال عمر: "بلى". رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال برقم 122 بإسناد صحيح. فهذا الرجل لم يرض أن يجادل عن نفسه، وأن يتحدث عن ضميره،. فيقول مثلا: إنه أسلم خالصَاً راغباً في الإسلام! وقد لا يصدقه عمر، وإنما لجأ إلى سماحة الإسلام، وإلى حكم الإسلام، فهلا يعيذه هذا الإسلام ويحميه، إذا كان أسلم متعوذَاً، سأل سؤالا واضحَاً صريحَاً، فلم يستطع عمر إلا أن يجيب الجواب الصحيح: بلى. وإن عمر لصادق وموفق، وإنه تعلم ما علمه معلم الخير، رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الصفحة 151