كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 2)

فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} قال سعد بن عُبادة, وهو سَيد الأنصارَ: أهكذا نَزَلتْ يا رسول الله؟، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الأنصار، ألاَ تسمعون إلى ما يقول سَيَّدُكم؟! "، قالوا: يا رسول الله، لا تَلُمْه، فإنه رجل غيور، والله ما تزوجَ امرأةً قط إلا بكراً، وما طلق امرأةً له قط فاجترأ رجل منّا على أن يتزوجها من شدة غَيرته، فقال سعد: والله يا رسول الله إنّي لأعلمِ أنها حقّ، وأنها من الله تعالى، ولكني قد تعجبتُ أَنى لو وجدتُ لَكاعاً تَفَخَّذها رجل لم يكن لي أن أَهيجه ولا أحرِّكه حتى آتى بأربعة شهداء، فوالله لا آتى بهم حتى يقضي حَاجتَه!! قالِ: فما لبثوا إلا يسيراً حتى جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذين تِيب عليهم، فجاء من أرضه عشاءً
فوجد عند أهله رجلاً، فرأَى بعينيه وسمع بأذنيه، فلم يَهِجْه حتى أَصبح، فغدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاءً فوجدت عندها رجلاً، فرأيت بعيني وسمعتُ بأذني، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاء به، واشتدّ عليه، واجتمعت الأنصار فقالوا: قد ابتُلينا بما قال سعد بن عُبَادة، الآن يَضربُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هلالَ بن أمية ويُبْطلِ شهادتَه في المسلمين، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعلَ الله لي منهاَ مخرجاً، فقال هلال: يا رسول الله، إني قد أرى ما اشتدَّ عليك مما جئتُ به. والله يعلم إني لصادق، ووالله
__________
= وقيل "الربدة" بضم الراء وسكون الباء: لون بين السواد والغبرة. فسري عن رسول الله: أي كشف عنه وأزيل ما كان به من التغير. أصيهب: تصغير "أصهب" وهو الذي يعلو لونه صهبة، وهي كالشقرة، حمرة الشعر يعلوها سواد. أريسح: تصغير "أرسح" وهو الذي لا عجز له، أو هي صغيرة لاصقة بالظهر. حمش الساقين: دقيقهما. أورق: أي أسمر. جعداً: أي جعد الشعر ليس بسبطه. الجمالي، بضم الجيم وتخفيف الميم وكسر اللام وتشديد الياء: الضخم الأعضاء التام الأوصال، مشبه بالجمل عظماً وبدانة. خدلج الساقين، بفتحات مع تشديد اللام: أي عظيمهما. "أميراً على مصر": يعني على مصر من الأمصار، كما بين في رواية الطيالسي التي أشرنا إليها آنفاً.

الصفحة 534