كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 2)

على أكثر الحديث النبوي". ولعل دعوة الذهبي قد أجيبت بما صنع الشيخ أحمد شاكر في نشر هذه الطبعة الممتازة التي كانت أمنية حياته، وغاية همه سنين طويلة. فقد جعل لأحاديث الكتاب أرقاماً متتابعة كانت كالأعلام للأحاديث، بني عليها فهارس ابتكرها، منها: فهرس للصحابة رواة الحديث
مرتب على حروف المعجم، وفهرس الجرح والتعديل، وفهرس للأعلام والأماكن التي تذكر في متن الحديث، وفهرس لغريب الحديث.
أما الفهارس العلمية فهي الأصل لهذا العمل العظيم، وما نظن أحداً سبق الأستاذ المحقق إلى مثلها، وقد بناها على أرقام الأحاديث، فذلل الصعوبة التي يعانيها المشتغلون بالسنة، فإن الحديث الواحد قد يدل على معان كثيرة متعددة في مسائل وأبواب منوعة، مما ألجأ البخاري- رضي الله عنه- إلى تقطيع الأحاديث وتكرارها في الأبواب، فصار من الميسور للباحث- بعد هذا الجهد البالغ الذي قام به الأستاذ المحقق- أن يجد الباب الذي يريده أو المعنى الذي يقصده بالاستقصاء التام والحصر الكامل.
وبعد: فهذا العمل العظيم حقاً، ليس وليد القراءة العاجلة، أو إزجاء الفراغ فيما يلذ ويَشُوق ويسهل. وإنما هو نتاج الكدح المتواصل، والتنقيب الشامل، والتحقيق الدقيق، والغوص العميق في بطون الكتب وثنايا الأسفار.
وقد أنفق فيه صديقي نحو ربع قرن من الزمان، لو أنفقه في التأليف أو في نشر الكتب الخفيفة لكان لديه منها الآن عشرات وعشرات، ولجمع منها مالاً جزيلا، وذكراً جميلا، ولكنه آثر السنة النبوية وتقريبها لطالبيها على كل ذلك، فحقق الله أمله، وبارك عمله، ووفقه لطبع الجزء الأول من "المسند" هذه الطبعة الممتازة التي لا مثيل لها بين طبعات الكتب الإسلامية دقة وأناقة، وجمالا يشرح الصدور، ويونق الأبصار، ويشوق النفوس إلى إدمان المطالعة،

الصفحة 557