كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 5)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، ويُشْرِعون فيه جميعاً.
__________
= المرأة وتصونها عن أن تختلط بالرجال غير المحارم!، حتى لقد سمعت أنا مثل هذا اللغو من رجل ابتلي المسلمون وابتلي الأزهر بأن رسِم من "العلماء"!، يريد المسكين أن يكون "مجدداً"، وأن يرضى عنه المتفرنجون والنساء وعبيد النساء. ولقد كذبوا وكذب هذا "العالم" المسكين!، فما في حديث ابن عمر على اختلاف رواياته شيء يدل على ما يريدون من سقط القول. وإنما يريد ابن عمر الرد على من ادعى كراهية الوضوء أو الغسل بفضل المرأة، ويستدل بذلك على أن النهي عن ذلك منسوخ، فأراد أن يبين أن وضوء الرجل والمرأة من الإناء الواحد معاً، أو غسلهما معاً، ليس فيه شيء، وأنهم كانوا
يفعلونه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -,لا يرون به بأساً. وأقرب لفظ إلى هذا رواية الدارقطني "يتوضأ الرجل والمرأة من إناء واحد". فهو حين يقول "كنا نتوضأ رجالا ونساء"، أو"كنا
نتوضأ نحن والنساء"، أو ما إلى ذلك من العبارات- لا يريد اختلاط النساء بالرجال في مجموعة واحدة أو مجموعات، يرى فيها الرجال من النساء الأذرع والأعضاد، والصدور والأعناق، مما لا بد من كشفه حين الوضوء، وإنمايريد التوزيع، أي كل رجل مع أهله وفي بيته وبين محارمه. وهذا بديهي معلوم من الدين بالضرورة. ولذلك ترجم البخاري في الصحيح 1: 258 على روايته هذا الحديث: "باب وضوء الرجل مع امرأته". فحديث ابن عمر في هذا كحديث عائشة: "كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، تختلف فيه أيدينا، من الجنابة"، رواه أحمد والشيخان، كما في المنتقى رقم 18. ولو عقل هؤلاء الجاهلون الأجرياء، وهذا "العالم" الجاهل المجدد!، لفكروا: أين كان في المدينة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميضأة عامة يجتمع فيها الرجال والنساء، على النحو الذي فهموا بعقولهم النيرة الذكية!!، فالمعروف أنهم كانوا يستقون من الآبار التي كانت في المدينة، رجالا ونساء، والعهد بالصحابة رضي الله عنهم، وبمن بعدهم من التابعين وتابعيهم المؤمنين المتصونين، إلى عصرنا هذا، أن يتحرز الرجال فلا يظهروا على شيء من عورات النساء التي أمر الله بسترها، وأن يتحرز النساء فلا يظهرن ما أمر الله بستره. وقد رأينا هذا في المدينة وأهلها، صانها الله عن دخول الفجور الذي ابتلي به أكثر بلاد المسلمين.

الصفحة 492