كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 5)

بها ثلثمائة دينار، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أهْديت بُخْتيةً لي، أُعْطيت بها ثَلثمائة دينارٍ، فأنحَرُها، أو أشتري بثمنها بُدْناً؟ قال: "لا, ولكن انْحَرْها إيَّاهَا".

6326 - حدثنا حفص بن غيَاث حدثنا ليث قال: في دخلت على سالم بن عبد الله وهو متَّكِئٌ على وسادهَ فيها تماثيلُ طير ووَحشٍ، فقلت: أليس يُكْرَه هذا؟ قال: لا، إنما يُكرَه ما نصِب نَصْباً، حدثني أبي عبدُ الله بن عمر عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - قال: "من صَوَّر صورةً عُذِّب"، وقال حفصٌ مرةً:
__________
= ويفسروه بأهوائهم وآرائهم. يصورونه على الصورة التي يرضون. وإن خالفوا النقل والعقل، وإن خرجوا على كل شيء بديهي معلوم من الدين بالضرورة، لا يخالف فيه مسلم، ذلك بأنهم لا يؤمنون بالغيب، وإنما يؤمنون بعقولهم وحدها، فهي عندهم الحكم في كل شيء. حتى لقد ذهب بعضهم في هذا العصر إلى إحياء رأي فريق من الملحدين القدماء، في تحريم ذبح الحيوان وأكل اللحم، تقليداً لأناس من ملحدي أوربة. ثم ذهب يلعب بالدين، يوهم نفسه ويوهم الناس أن الإسلام لا ينافي هذا المذهب الإلحادي، ويتأول كل ما يراه من القرآن منافياً لرأيه، ويكذب كل حديث يراه كذلك. وكان مما لعب به وتأوله قول الله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}، ذلك بأنه لا يفقه القرآن ولا العلم، وذلك بأنه يتبع ما يمليه عليه هواه وجهله. فهذا الحديث يرد عليه وعلى أمثاله، ويبين أن ذبح الهدي الذي عينه صاحبه بالتعيين واجب، لا يجوز له أن يستبدله برأي أو قياس. أما لو قُبل في مثل هذا الرأي والقياسُ، لكان ذبح إبل أكثر عدداً، ثمنها ثمن هذه البختية التي أهداها عمر، أنفعَ للناس وللفقراء دون شك. ولكن المعنى في الهدي معنى يسمو على الماديات والأثمان، ليس للعبد فيه إلا الطاعة حيث أُمر.
(6326) إسناده صحيح، ليث: هو ابن أبي سليم. والحديث مضى المرفوع منه بمعناه مطولاً ومختصراً مراراً. آخرها 6262. وأما القصة التي في أوله، من دخول ليث بن أبي سليم ابن عبد الله، وسؤاله عما رأى من وسادته. فإني لم أجدها في موضع آخر.

الصفحة 509