كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 5)

يَعْتَمِد على يديه.
__________
= تابع بعضهم على ما روى، ثم عن ذلك يكون الترجيح والحكم لبعضهم على بعض. أما محمد بن عبد الملك الغزال، الذي رواه بلفظ: "نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة": فإنه ثقة، وثقه النسائي، وقال مسلمة: "ثقة كثير الخطأ". وقد انفرد بهذا اللفظ، لم نجد من تابعه عليه، بل وجدنا الحفاظ الكبار خالفوه فيه، فلا مناص من أن نقول: إن روايته وَهم، كما قال البيهقي.
فائدة مهمة: وهم صاحب عون المعبود هنا (1: 376) تبعاً للسيد عبد الله الأمير رحمه الله، فقالا: "ومحمد بن عبد الملك بن مروان الواسطي قال فيه في التقريب: صدوق. وهو ممن يصحح حديثه أو يحسَّن بالمتابعة والشواهد"!، وهذا غير "الغزال" يقيناً، وإن كان كلاهما من شيوخ أبي داود، فقد صرح أبو داود في رواية هذا الحديث باسمه كاملاً "محمد بن عبد الملك الغزال"، والغزال قال فيه التقريب: "ثقة". ولكن انتقل نظر السيد عبد الله الأمير من ترجمة إلى ترجمة في موضعين متقاربين من التقريب، وقلده صاحب عون المعبود دون بحث أو مراجعة!!، رحمهما الله. وأما ابن شبوية، الذي رواه بلفظ: "نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة"، فإنه ثقة، وثقه النسائي والعجلي وغيرهما،
وقال الإدريسي: "كان حافظاً فاضلاً ثبتاً متقناً في الحديث". وكذلك محمد بن رافع بن أبي زيد سابور القشيري النيسابوري، فإنه ثقة، قال البخاري: "كان من خيار عباد الله"، وقال النسائي: "الثقة المأمون"، وقال مسلم: "ثقة مأمون صحيح الكتاب". وهذان الحافظان الثقتان روياه بلفظين مقاربين، لا يخالفان رواية الإِمام أحمد هنا في المسند وعند أبي داود، وإن كانت رواية أحمد أبين منهما، كما قال البيهقي. إلا أن ابن رافع ظن أن الحديث يحتمل أن يكون في النهي عن الاعتماد في الرفع من السجود، فوضعه في ذلك الباب، كما حكى أبو داود. فوهم في رأيه وظنه، مع موافقة روايته في ذاتها للصواب في الجملة. وأما رواية أحمد بن حنبل، وناهيك به حفظاً وإتقاناً وتثبتاً، فهي الرواية الحجة عليهم جميعاً. وما ينبغي أن نقرن روايته برواية هذين: ابن رافع وابن شبوية، فأين يقعان منه؟!. ثم هو لم ينفرد بها، بل تابعه عليها غيره من الحفاظ الثقات: فرواه ابن حزم في المحلى 4: 19 من "مصنّف عبد الرزاق"، بإسناده إلى الدبري عن عبد الرزاق عن =

الصفحة 520