كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 5)

القائلَ، قد استيقنتُ أنه أحدهما، وما أُراه إلا عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم -, قال: "لا يشتملْ أحدُكم في الصلاة اشتمالَ اليهود، ليَتَوشَّح، من كان له ثوبان فلْيأتَزر وِلْيَرْتَدِ، ومن لم يكن له ثوبان فليأتَزِرْ، ثم لْيُصلِّ".
__________
= على أنه رواه له بالجزم أيضاً، إلا أن ابن جُريج هو الذي شك في رفعه، أهو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم عن عمر، لقول ابن جُريج: "قد استيقنت نافع القائل"، ثم أشار إلى أنه هو الذي شك في الرفع، أعني ابن جُريج، فقال: "قد استيقنتُ أنه أحدهما"، ثم رجح ابن جُريج رفعه، فقال: "وما أراه إلا عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم -". والذي أرجح أنه يجمع بين رواية ابن جُريج وروايات غيره عن نافع، أن نافعاً حدثه به عن ابن عمر عن عمر، كما حدث به ابن إسحق في رواية المسند الماضية (رقم 96)، ثم ذكر لابن جُريج نحو ما ذكر لابن إسحق، من أنه يرجح أن ابن عمر أسند ذلك إلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم -. فاحتاط ابن جُريج من هذا الشك، مستيقناً أن نافعاً حدثه عن ابن عمر، شاكاً في ذكر عمر وحده، أو في ذكره مع رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فيكون من رواية ابن عمر عن أبيه مرفوعاً. ونحن نصحح رفع الحديث، اكتفاء بغلبة ظن نافع أنه مرفوع، مؤيداً ذلك بجزمه برفعه وزوال شكه فيه في بعض أحيانه. ولأن معناه ثابت مرفوعاً من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما، عند الشيخين وغيرهما، كما في المنتقى 673 - 687. قوله "اشتمال اليهود" قال الخطابي في معالم السنن (رقم 907 المطبوع مع مختصر
المنذري)؛ "اشتمال اليهود المنهي عنه: هو أن يجلل بدنه بالثوب، ويسبله من غير أن يَشيل طرفه. فأما اشتمال الصماء الذي جاء في الحديث [يعني في الحديث آخر]، فهو أن يجلل بدنه بالثوب ثم يرفع طرفيه على عاتقه الأيسر، هكذا يفسر في الحديث". وقال ابن الأثير: "الاشتمال: افتعال من الشملة، وهو كساء يتغطى به ويتلفَّف فيه. والمنهي عنه هو التجلل بالثوب وإسباله من غير أن يرفع طرفه". قوله "ليتوشح": أي يغشى جسده بثوبه، قال ابن الأثير: والأصل فيه من الوشاح، وهو شيء ينسج عريضاً من أديم، وربما رصع بالجواهر والخرز، وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها، ويقال فيه: وشاح، وإشاح".
والمراد التشبيه في الإسباغ والستر، لا في مظهر ثياب النساء، فإن تشبه الرجال في لباسهم بلباس النساء حرام، كما هو معروف بديهي.

الصفحة 527