كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 5)

ابن الخطاب، وهو يلعب مع الغلمان عند أُطُمِ بني مَغَالَة، وهو غلام، فلم
__________
= كل شيء جاء به واتباعه!، بل نجد كثيراً، ممن يراهم الناس مسلمين يفعلون هذا وأشد منه سوءاً، فيؤمنون بهذا الرسول الكريم، وبعموم رسالته، ثم يرفضون تشريعه في كل شأن من شئونهم، في حياتهم الدنيا، ويزعمون أن تحكيم الكتاب والسنة، اللذين أمروا بطاعتهما وتحكيمهما في شأنهم كله-: رجوع بالأمة إلى الوراء، وتقهقر عن المدنية الكاذبة البراقة!!، هذا في المخلصين منهم فيما يقولون. أما غيرهم في بنا حاجة إلى الكشف عن أمرهم. وقول رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "آمنت بالله ورسله": قال الحافظ: "قال الزين ابن المنير: إنما عرض النبي -صلي الله عليه وسلم -الإِسلام على ابن صياد بناء على أنه ليس الدجَّال المحذَّر منه. قلت [القائل ابن حجر]: ولا يتعين ذلك، بل الذي يظهر أن أمره كان محتملا، فأراد اختباره بذلك، فإن أجاب غلب ترجيح أنه ليس هو، وإن لم يجب تمادى
الاحتمال. أو أراد باستنطاقه إظهار كذبه المنافي لدعوى النبوة، ولما كان ذلك هو المراد أجابه بجواب منصف، فقال: آمنت بالله ورسله. وقال القرطبي كان ابن صياد على طريقة الكهنة، يخبر بالخبر، فيصح تارة، ويفسد أخرى، فشاع ذلك، ولم ينزل في شأنه وحي، فأراد النبي -صلي الله عليه وسلم - سلوك طريقة يختبر حاله بها، أي فهو السبب في انطلاق النبي -صلي الله عليه وسلم - إليه". وقال الخطابي في المعالم 4162: "قد اختلف الناس في ابن صياد اختلافاً شديداً، وأشكل أمره، حتى قيل فيه كل قول. وقد يسأل عن هذا، فيقال: كيف يقرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يدعي النبوة كاذباً، ويتركه بالمدينة يساكنه في داره، ويجاوره فيها؟، وما معنى ذلك؟، وما وجه امتحانه إياه بما خبأه له من آية الدخان، وقوله بعد ذلك: اخسأ، فلن تعدو قدرك؟، والذي عندي: أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهود وحلفاءهم. وذلك أنه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاباً صالحهم فيه على أن لا يُهاجوا، وأن يتركوا على أمرهم. وكان ابن صياد منهم، أو دخيلا في جملتهم، وكان يبلغ رسول الله -صلي الله عليه وسلم -خبره وما يدعيه من الكهانة، ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ليروز به أمره، ويَخبر شأنه. فلما كلمه علم أنه مبطل، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة، أو ممن يأتيه رئي من الجن، أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به. فلما سمع منه قوله "الدخ" زبره: فقال: اخسأ، فلن تعدو قدرك. يريد أن =

الصفحة 533