كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 5)

يَشعرْ حتى ضَرب رسول الله -صلي الله عليه وسلم - ظهرَه بيده، ثم قال: أتَشْهد أني رسول الله؟،
__________
= ذلك شيء اطلع عليه الشيطان فألقاه إليه، وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبل الوحي السماوي، إذ لم يكن له قدر الأنبياء الذين أوحى الله إليهم من علم الغيب، ولا درجة الأولياء الذين يلهمون العلم، فيصيبون بنور قلوبهم. وإنما كانت له تارات، يصيب في بعضها ويخطئ في بعض. وذلك معني قوله: يأتيني صادق وكاذب، فقال له عند ذلك: قد خلط عليك. والجملة أنه كان فتنة قد امتحن الله به عباده المؤمنين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيَّ عن بينة، وقد امتحن الله قوم موسى عليه السلام في زمانه بالعجل، فافتتن به قوم وهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه منهم". قوله "خبيئاً": بفتح الخاء وكسر الباء الموحدة بعدها ياء تحتية، ويجوز أيضاً بفتح الخاء وكسرها مع سكون
الباء وبعدها الهمزة، والخبء والخبىء: الشيء المخبوء المخفي. قوله "الدخ": بضم الدال ويجوز فتحها أيضاً، مع تشديد الخاء، قال بعض أهل اللغة: هو الدخان، وقال الحافظ في الفتح: "قيل إنه اندهش فلم يقع من لفظ الدخان إلا على بعضه". ولعل هذا هو الأظهر, لأنه أضمر له الآية:- {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}، كما ثبت في هذه الرواية. والآية لم تذكر في روايات الشيخين في الصحيحين. وقال الحافظ في الفتح: "وللبزار والطبراني في الأوسط من حديث زيد بن حارثة، قال: كان النبي -صلي الله عليه وسلم - خبأ له سورة الدخان، وكأنه أطلق السورة وأراد بعضها، فإن عند أحمد عن عبد الرزاق في حديث باب: وخبأ له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}. وقد يوهم صنيع الحافظ أن أحمد انفرد بذكر الآية في هذا الحديث. وليس كذلك، فإنها ثابتة أيضاً في روايتي أبي داود والترمذي. ووهم المنذري 4162 إذ قال في تخريج الحديث عن أبي داود: "وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي، وليس في حديثهم: وخبأ له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} "؛وهي ثابتة في الترمذي. قوله "اخسأ": قال الحافظ في الفتح 10: 463: "قال ابن بطال: اخسأ: زجر للكلب وإبعاد له، هذا أصل هذه الكلمة، واستعملتها العرب في كل من قال أو فعل ما لا ينبغي له مما يسخط الله" وقال ابن فارس في مقاييس اللغة 2: 182: "الخاء والسين والهمزة يدل على الإبعاد، يقال: خسأت الكلب. وفي القرآن: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}، كما يقال: ابعدوا". وقد مضى نحو هذه القصة باختصار، من حديث. ابن مسعود 3610، 4371.

الصفحة 534