كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فقلت مثل قولهم وأعجبك رأيهم، إذ صادف منك هوى. ولكنك نسيت أنهم فعلوا مثل ذلك وأكثر منه في القرآن نفسه. في ضار القرآن ولا السنة شيء مما فعلوا. "وقبلهم قام المعتزلة وكثير من أهل الرأي والأهواء، ففعلوا بعض هذا أو كله، في زادت السنة إلا ثبوتًا كثبوت الجبال، وأتعب هؤلاء رؤوسهم وحدها وأوْهَوْها!، "بل لم نر فيمن تقدمنا من أهل العلم من اجترأ على ادعاء أن في الصحيحين أحاديث موضوعة، فضلا عن الإيهام والتشنيع الذي يطويه كلامك، فيوهم الأغرار أن اكثر ما في السنة موضوع!، هذا كلام المستشرقين. "غاية ما تكلم فيه العلماء نقد أحاديث فيهما بأعيانها، لا بادّعاء وضعها والعياذ بالله، ولا بادّعاء ضعفها. إنما نقدوا عليهما أحاديث ظنوا أنها لا تبلغ في الصحة الذروة العليا التي التزمها كل منهما. "وهذا مما أخطأ فيه كثير من الناس. ومنهم أستاذنا السيد رشيد رضا رحمه الله، على علمه بالسنة وفقهه، ولم يستطع قط أن يقيم حجته على ما يرى. وأفلتت منه كلمات يسمو على علمه أن يقع فيها. ولكنه كان متأثرًا أشد الأثر بجمال الدين ومحمد عبده، وهما لا يعرفان في الحديث شيئاً. بل كان هو بعد ذلك أعلم منهما، وأعلى قدرًا، وأثبت رأيًا، لولا الأثر الباقي في دخيلة نفسه.
والله يغفر لنا وله. "وما أفضلت لك في هذا إلا خشية عليك من حساب الله. أما الناس في هذا العصر فلا حساب لهم، ولا يقدّمون في ذلك ولا يؤخرون. فإن التربية الإفربخية الملعونة جعلتهم لا يرضون القرآن إلا على مضصّ، فمنهم من يصرح، ومنهم من يتأول القرآن أو السنة، ليرضى عقله الملتوي، لا ليحفظهما من طعن الطاعنين. فهم على الحقيقة لا يؤمنون، ويخشون أن يصرحوا، فيلتوون. وهكذا هم حتى يأتي الله بأمره.
"فاحذر لنفسك من حساب الله يوم القيامة. وقد نصحتُك وما ألوْتُ. والحمد لله". وأما الجاهلون الأجرياء فإنهم كثر في هذا العصر. ومن أعجب ما رأيت من سخافاتهم وجرأتهم: أن يكتب طبيب، في إحدى المجلات الطبية، فلا يرى إلا أن هذا الحديث لم يعجبه، وأنه ينافي علمه!، وأنه رواه مؤلف اسمه "البخاري"!، فلا يجد مجالا إلا الطعن في هذا "البخاري"، ورميه بالافتراء والكذب على رسول الله -صلي الله عليه وسلم -!، وهو لا يعرف عن "البخاري" هذا شيئًا، بل لا أظنه يعرف اسمه ولا عصره ولا كتابه!، إلا أنه روى شيئًا =

الصفحة 555