كتاب مسند أحمد ت شاكر (اسم الجزء: 7)

الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله عز وجل في غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، قال: فيأتيهم الله عِز وجل في الصوِرة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتْبعونه، قال: ويُضْربُ جسرٌ على جهنم قال النبي - صلي الله عليه وسلم -: "فأكون أول من يُجيز، ودعوى
__________
= القمر": "القمر" الأولى مفعول "يعبد"، والثانية مفعول "يتبع". وهكذا في اللتين بعدها: "الشمس"، و"الطواغيت". والمفعول الثاني في الثلاثة ثابت هنا في الأصول، وهو كذلك ثابت في نسخة البخاري التي شرح عليها الحافظ. ولكنه محذوف في الثلاثة، في النسخة اليونينية. وبذلك شرح القسطلاني أيضاً، وهي ثابتة في رواية مسلم. قوله "الطواغيت": قال الحافظ: "جمع طاغوت، وهو الشيطان والصنم، ويكون جمعًا ومفردًا، ومذكرًا ومؤنثًا ... وقال الطبري: الصواب عندي أنه كل طاغ طغى على الله، يعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبد، وإما بطاعة ممن عبد، إنسانَا أو شيطانًا أو حيوانًا أو جمادًا، قال: فاتباعهم لهم حينئذ باستمرارهم على الاعتقاد فيهم. ويحتمل أن يتبعوهم بأن يساقوا إلى
النار قهرًا". قوله "فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون"، ثم قوله "فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون": هو من أحاديث الصفات لله عز وجل، التي يجب أن نؤمن بها على ما جاء بها الصادق الأمين، دون إنكار، ولا تأويل، ولا تشبيه. تعالى الله عن أن يشبه شيئًا من خلقه. وقد حكى الحافظ هنا أقوالاً في التأويل، وحكى القول الصحيح، الموافق لما ذهب إليه السلف الصالح، فقال: "وقيل: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى، يجب الإيمان به، مع تنزيهه سبحانه وتعالى عن سمات الحدوث". وحكي عن القاضي عياض، أحد الأوجه التي ساقها في معنى الصورة، "وهو أن المعنى: يأتيهم الله بصورة، أي: بصفة تظهر لهم من الصور المخلوقة التي لا تشبه صفة الإله، ليختبرهم بذلك". ثم قال، نقلاً عن القاضي عياض: "قال: وأما قوله بعد ذلك: فيأتيهم الله في صورته التي يعرفونها - فالمراد
بذلك: الصفة، والمعنى: فيتجلى الله لهم بالصفة التي يعلمونه بها. وإنما عرفوه بالصفة، وإن لم تكن تقدت لهم رؤيته، لأنهم يرون حينئذ شيئاً لا يشبه المخلوقين، وقد علموا أنه لا يشبه شيئاً من مخلوقاته. فيعلمون أنه ربهم، فيقولون: أنت ربنا. وعبر عن الصفة =

الصفحة 431