ست بكرات، فتسخطه، فبلغ ذلك النبي - صلي الله عليه وسلم -، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن فلانا أهدى إليّ ناقة". وهي ناقتي أعرفها كما أعرف بعض أهلي، ذهبن مني يوم زَغابات، فعوضته ست بكرات، فظل ساخطا، لقد هممتُ أن لا أقبل هدية إلا من قرشي، أو أنصاري، أو ثقفي، أو دَوْسي".
__________
= فهذا مكان معروف، قرب المدينة، خلاف لأبي عبيد البكري، حيث ذكرها في معجم ما استعجم، ص 698، بالعين المهملة، ثم حكى روايتها بالمعجمة، ثم قال: "وكلا الاسمين مجهول". ثم نقل عن ابن جرير الطبري أنه قال: "بين الجرف والغابة"، ثم قال: "وما رواه أقرب إلى الصواب". والرواية التي فيها "الغابة" - رواها ابن إسحق أيضاً في هذا الحديث، في رواية الترمذي من طريقه، أنهم أصابوا الإبل بالغابة. وهذا لا ينفي صحة الموضع الآخر "زغابة". لأن هذه الحادثة لم تكن عقب غزوة الخندق، بل كانت في حادثة العرنيين - المشهورة - الذين استاقوا إبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد حكى قصتها ابن سعد في الطبقات 2/ 1/67، في سرية كرز بن جابر الفهري إليهم، وذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث في أثرهم عشرين فارسا: "واستعمل عليهم كرز بن جابر الفهري، فأدركوهم، فأحاطوا بهم وأسروهم، وربطوهم وأردفوهم على الخيل، حتى قدموا بهم المدينة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغابة، فخرجوا بهم نحوه، فلقوه بالزغابة بمجتمع السيول". فالموضعان: الغابة، والزغابة - متقاربان، مذكوران في هذه الحادثة معا، فمن المجازفة إنكارأحدهما وجعله محرفا عن اسم الموضع الآخر. وفي آخر القصة عند ابن سعد: "ففقد رسول الله - صلي الله عليه وسلم - منها لقحة تدعى الحناء، فسأل عنها، فقيل: نحروها". ولعل زعمهم نحرها لم يك صدقا، ولعل هذه الناقة المفقودة حينذاك - هي التي أهداها هذا الأعرابي إلى النبي - صلي الله عليه وسلم -. بل الأقرب أن يكون هكذا؛ لأنهم لم يذكروا فقد غيرها من اللقاح التي استقها العرنيون. وأما ذكر اسم الموضع هنا بلفظ الجمع "زغابات"، فلا يبعد أن يذكر باسم المفرد تارة، ولاسم الجمع أخرى. وقد أشار ياقوت إلى هذا الحديث تحت مادة "زغابة". وقد مضى نحو هذه القصة. من حديث ابن عباس: 2687، دون ذكر اسم الموضع.