كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 16)
32527- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ , قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، عَنْ يُونُسَ قَالَ : إنَّ يُونُسَ كَانَ قَدْ وَعَدَ قَوْمَهُ الْعَذَابَ وَأَخْبَرَهُمْ إِنَّهُ يَأْتِيهِمْ إلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ , فَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا ، ثُمَّ خَرَجُوا فَجَأَرُوا إلَى اللهِ وَاسْتَغْفَرُوا , فَكَفَّ اللَّهُ عَنْهُمَ الْعَذَابَ , وَغَدَا يُونُسُ يَنْتَظِرُ الْعَذَابَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا , وَكَانَ مَنْ كَذَبَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ قُتِلَ , فَانْطَلَقَ مُغَاضِبًا حَتَّى أَتَى قَوْمًا فِي سَفِينَةٍ فَحَمَلُوهُ(11/541) وَعَرَفُوهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ رَكَدَتْ , وَالسُّفُنُ تَسِيرُ يَمِينًا وَشِمَالاً ، فَقَالُوا : مَا لِسَفِينَتِكُمْ ؟ قَالُوا : مَا نَدْرِي ، قَالَ يُونُسُ : إنَّ فِيهَا عَبْدًا أَبَقَ مِنْ رَبِّهِ , وَإِنَّهَا لاَ تَسِيرُ حَتَّى تُلْقُوهُ , فَقَالُوا : أَمَّا أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ فَلا وَاللهِ لاَ نُلْقِيكَ.
فَقَالَ لَهُمْ يُونُسُ : فَاقْتَرِعُوا فَمَنْ قُرِعَ فَلْيَقَعْ ، فَقَرَعَهُمْ يُونُسُ فَأَبَوْا أَنْ يَدَعُوهُ ، فَقَالُوا : مَنْ قَرَعَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلْيَقَعْ , فَقَرَعَهُمْ يُونُسُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَوَقَعَ ، وَقَدْ كَانَ وُكِّلَ بِهِ الْحُوتُ ، فَلَمَّا وَقَعَ ابْتَلَعَهُ فَأَهْوَى بِهِ إلَى قَرَارِ الأَرْضِ , فَسَمِعَ يُونُسُ عَلَيْهَ السَلام تَسْبِيحَ الْحَصَى {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ ألظَّالِمِينَ} ظُلُمَاتٌ ثَلاَثٌ , ظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ , وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ , وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ ، قَالَ : {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} قَالَ : كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ الْمَمْعُوطِ , لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ ، وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ كَانَ يَسْتَظِلُّ بِهَا وَيُصِيبُ مِنْهَا , فَيَبِسَتْ فَبَكَى عَلَيْهَا حِينَ يَبِسَتْ , فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ : تَبْكِي عَلَى شَجَرَةٍ يَبِسَتْ ، وَلاَ تَبْكِي عَلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ أَرَدْت أَنْ تُهْلِكَهُمْ. (11/542).
الصفحة 546