كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 16)
32549- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : لَمَّا أَصَابَ دَاوُد الْخَطِيئَةُ , وَإِنَّمَا كَانَتْ خَطِيئَتُهُ إِنَّهُ لَمَّا أَبْصَرَهَا أَمَرَ بِهَا فَعَزَلَهَا ، فَلَمْ يَقْرَبْهَا , فَأَتَاهُ الْخَصْمَانِ فَتَسَوَّرُوا فِي الْمِحْرَابِ ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا قَامَ إلَيْهِمَا ، فَقَالَ : اخْرُجَا عَنِّي , مَا جَاءَ بِكُمَا إلَيّ َ؟ فَقَالاَ : إنَّمَا نُكَلِّمُك بِكَلاَمُ يَسِيرٍ , {إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنِّي ، قَالَ : فَقَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ : وَاللهِ إِنَّهُ أَحَقُّ أَنْ يكسر مِنْهُ مِنْ لَدُنْ هَذِهِ إلَى هَذِهِ ، يَعْنِي مِنْ أَنْفِهِ إلَى صَدْرِهِ - فَقَالَ الرَّجُلُ : هَذَا دَاوُد قَدْ فَعَلَهُ.
فَعَرَفَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّه إنَّمَا ، يُعْنَى بِذَلِكَ , وَعَرَفَ ذَنْبَهُ ، فَخَرَّ سَاجِدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً , وَكَانَتْ خَطِيئَتُهُ مَكْتُوبَةً فِي يَدِهِ , يَنْظُرُ إلَيْهَا لِكَيْ لاَ يَغْفُلَ حَتَّى نَبَتَ الْبَقْلُ حَوْلَهُ مِنْ دُمُوعِهِ مَا غَطَّى رَأْسَهُ , فَنَادَى بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا : قَرِحَ الْجَبِينُ وَجَمَدَتِ الْعَيْنُ , وَدَاوُد لَمْ يُرْجَعْ إلَيْهِ فِي خَطِيئَةٍ بشَيْءٌ فَنُودِيَ : أَجَائِعٌ فَتُطْعَمُ ؟ أَمْ عُرْيَانُ(11/552) فَتُكْسَى ؟ أَمْ مَظْلُومٌ فَتُنْصَرُ ؟ قَالَ : فَنَحَبَ نَحْبَةً هَاجَ مَا يَلِيهِ مِنَ الْبَقْلِ حِينَ لَمْ يَذْكُرْ ذَنْبَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ غُفِرَ لَهُ , فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ لَهُ رَبُّهُ : كُنْ أَمَامِي , فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ذَنْبِي ذَنْبِي , فَيَقُولُ لَهُ : كُنْ مِنْ خَلْفِي , فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ذَنْبِي ذَنْبِي , فَيَقُولُ لَهُ : خُذْ بِقَدَمِي فَيَأْخُذُ بِقَدَمِهِ. (11/553).
الصفحة 556