كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 16)

32556- قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ : وَحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ دَاوُد حَدَّثَ نَفْسَهُ إنِ ابْتُلِيَ أَنْ يَعْتَصِمَ , فَقِيلَ لَهُ : إنَّك سَتُبْتَلَى وَتَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي تُبْتَلَى فِيهِ فَخُذْ حِذْرَك ، فَقِيلَ لَهُ : هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تُبْتَلَى فِيهِ , فَأَخَذَ الزَّبُورَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَغْلَقَ بَابَ الْمِحْرَابِ وَأَقْعَدَ مَنْصَفًا عَلَى الْبَابِ ، وَقَالَ : لاَ تَأْذَنْ لأَحَدٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ.
فَبَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ الزَّبُورَ إذْ جَاءَ طَائِرٌ مُذْهَبٌ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ الطَّيْرُ , فِيهِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ , فَجَعَلَ يَدْرُجُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَنَا مِنْهُ , فَأَمْكَنَ أَنْ يَأْخُذَهُ , فَتَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ لِيَأْخُذَهُ , فَاسْتَوْفَزَهُ مِنْ خَلْفِهِ , فَأَطْبَقَ الزَّبُورَ وَقَامَ إلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ , فَطَارَ فَوَقَعَ عَلَى كُوَّةِ الْمِحْرَابِ , فَدَنَا مِنْهُ أَيْضًا لِيَأْخُذَهُ فَوَقَعَ عَلَى خُصٍ ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ لِيَنْظُرَ أَيْنَ وَقَعَ فَإِذَا هُوَ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ بِرْكَتِهَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ ، فَلَمَّا رَأَتْ ظِلَّهُ حَرَّكَتْ رَأْسَهَا فَغَطَّتْ جَسَدَهَا بِشَعْرِهَا ، فَقَالَ دَاوُد لِلْمَنْصَفِ : اذْهَبْ فَقُلْ لِفُلاَنَةَ تَجِيءُ , فَأَتَاهَا فَقَالَ لَهَا : إنَّ نَبِيَّ اللهِ يَدْعُوك ، فَقَالَتْ : مَا لِي وَلِنَبِيِّ اللهِ ؟ إنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلْيَأْتِنِي , أَمَّا أَنَا فَلاَ آتِيهِ , فَأَتَاهُ الْمَنْصَفُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهَا ، فَأَتَاهَا : وَأَغْلَقَتِ الْبَابَ دُونَهُ ، فَقَالَتْ : مَا لَك يَا دَاوُد ، أَمَا تَعْلَمُ إِنَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا رَجَمْتُمُوهُا وَوَعَظَتْهُ(11/555) فَرَجَعَ.
وَكَانَ زَوْجُهَا غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ , فَكَتَبَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ إلَى أَمِيرِ الْمَغْزَى : انْظُرْ أُورْيًّا فَاجْعَلْهُ فِي حَمَلَةِ التَّابُوتِ - وَكان حَمَلَةِ التَّابُوتِ : إمَّا أَن يفتح عليهم , وَإمَّا أَن يقتلو - فقدمه في حَمَلَةِ التَّابُوتِ فَقُتِلَ ،(11/556).

الصفحة 562