كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 16)
أَمَّا هَذِهِ فَلاَ تُرِيدُ الرِّجَالَ , وَلاَ نَزَالُ بِشَرٍّ مَا كُنَّا لَهَا , فَلَوْ أَنَّا فَضَحْنَاهَا فَرُجِمَتْ , فَصِرْنَا إلَى الرِّجَالِ ، فَأَخَذَتَا مَاءَ الْبَيْضِ فَأَتَتَاهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ فَكَشَفَتَا عنها ثَوْبَهَا وَنَضَحَتَا فِي دُبُرِهَا مَاءَ الْبَيْضِ وَصَرَخَتَا : أَنَّهَا قَدْ بَغَتْ , وَكَانَ مَنْ زَنَى مِنْهُمْ حَدُّهُ الرَّجْمُ فَرُفِعَتْ إلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَمَاءُ الْبَيْضِ فِي ثِيَابِهَا فَأَرَادَ رَجْمَهَا ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ : أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَأَلَنِي لاَنْبَأْته , فَقِيلَ لِدَاوُدَ : إنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ كَذَا وَكَذَا , فَدَعَاهُ ، فَقَالَ : مَا شَأْنُ هَذِهِ ؟ مَا أَمْرُهَا ؟ فَقَالَ : ائْتُونِي بِنَارٍ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَاءَ الرِّجَالِ تَفَرَّقَ , وَإِنْ كَانَ مَاءَ الْبَيْضِ اجْتَمَعَ , فَأُتِيَ بِنَارٍ فَوَضَعَهَا عَلَيْهِ فَاجْتَمَعَ فَدَرَأَ عَنْهَا الرَّجْمَ , (11/557) وَعَطَفَ عَلَيْهِ بَعْضَ الْعَطْفِ وَأَحَبَّهُ.
ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الْحَرْثِ وَأَصْحَابُ الشَّاءِ , فَقَضَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ لأَصْحَابِ الْحَرْثِ بِالْغَنَمِ , فَخَرَجُوا وَخَرَجَتِ الرُّعَاءُ مَعَهُمَ الْكِلاَبُ ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ : كَيْفَ قَضَى بَيْنَكُمْ ؟ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : لَوْ وُلِّيت أَمْرَهُمْ لَقَضَيْت بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ هَذَا الْقَضَاءِ , فَقِيلَ لِدَاوُدَ : إنَّ سُلَيْمَانَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا , فَدَعَاهُ فَقَالَ : كَيْفَ تَقْضِي ؟ فَقَالَ : أَدْفَعُ الْغَنَمَ إلَى أَصْحَابِ الْحَرْثِ هَذَا الْعَامَ فَيَكُونُ لَهُمْ أَوْلاَدُهَا وَسَلاَهَا وَأَلْبَابُهَا وَمَنَافِعُهَا لهم العام ، وَيَبْذُرُ هَؤُلاَءِ مِثْلَ حَرْثِهِمْ , فَإِذَا بَلَغَ الْحَرْثُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَخَذَ هَؤُلاَءِ الْحَرْثَ وَدَفَعَ هَؤُلاَءِ إلَى هَؤُلاَءِ الْغَنَمَ ، قَالَ : فَعَطَفَ عَلَيْهِ.
قَالَ حَمَّادٌ : وَسَمِعْت ثَابِتًا يَقُولُ : هُوَ أُورِيَّا. (11/558).
الصفحة 564