كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 20)
فَقَالَتِ الأَنْصَارُ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي ؟ قَالَوا : بَلَى ، قَالَ : أَوَلَمْ أَجِدْكُمْ عَالةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بَي ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي ؟ قَالَوا : بَلَى ، قَالَ : أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ : قَدْ جِئْتَنَا مَخْذُولاً فَنَصَرْنَاك ، (14/479) قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ ، قَالَ : لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ : جِئْتَنَا طَرِيدًا فَآوَيْنَاك ، قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ ، وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ : جِئْتنَا عَائِلاً فَآسَيْنَاك ، قَالَوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ ، قَالَ : أَفَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَنْقَلِبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ ، وَتَنْقَلِبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى دِيَارِكُمْ ؟ قَالَوا : بَلَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : النَّاسُ دِثَارٌ ، وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ.
وَجَعَلَ عَلَى الْمَقَاسِمِ عَبَّادَ بْنَ وَقْشٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَارِيًّا لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ ، فَقَالَ : اكْسُنِي مِنْ هَذِهِ الْبُرُودِ بُرْدَةً ، قَالَ : إِنَّمَا هِيَ مَقَاسِمُ الْمُسْلِمِينَ ، وَلاَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُعْطِيَك مِنْهَا شَيْئًا ، فَقَالَ قَوْمُهُ : اكْسُهُ مِنْهَا بُرْدَةً ، فَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ ، فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا ، فَأَعْطَاهُ بُرْدَةً ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا كُنْتُ أَخْشَى هَذَا عَلَيْهِ ، مَا كُنْتُ أَخْشَاكُمْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا ، حَتَّى قَالَ قَوْمُهُ : إِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا ، فَقَالَ : جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا ، جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا. (14/480).
الصفحة 459