كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 20)
ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ : هَلْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَحَدٌ ، أَوِ اعْتَذَرَ بِمِثْلِ مَا اعْتَذَرْت بِهِ ؟ قَالَوا : نَعَمْ ، قُلْتُ : مَنْ ؟ قَالَوا : هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ ، وَرَبِيعَةُ بْنُ مَرَارَةُ الْعَامِرِي ، وَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا ، قَدَ اعْتَذَرَا بِمِثْلِ الَّذِي اعْتَذَرْت بِهِ ، وَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ الَّذِي قِيلَ لَكَ.
قَالَ : وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلاَمُنَا ، فَطَفِقْنَا نَغْدُو فِي النَّاسِ ، لاَ يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ ، وَلاَ يُسَلِّمُ عَلَيْنَا أَحَدٌ ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْنَا سَلاَمًا ، حَتَّى إِذَا وفَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً ، جَاءَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ اعْتَزِلُوا نِسَاءَكُمْ ، فَأَمَّا هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ لَهُ : إِنَّهُ شَيْخٌ قَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَصْنَعَ لَهُ طَعَامَهُ ؟ قَالَ : لاَ ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ ، قَالَتْ : إِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ ، وَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا ، قَالَ : فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي : لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَتِكَ ، كَمَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ ، فَقَدْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَخْدِمَهُ ، قَالَ : فَقُلْتُ : وَاللهِ ، لاَ أَسْتَأْذِنُهُ فِيهَا ، وَمَا أَدْرِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَ اسْتَأْذَنْتُهُ ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌ ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي : اِلْحَقِي بِأَهْلِكَ ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مَا هُوَ قَاضٍ ، وَطَفِقْنَا نَمْشِي فِي النَّاسِ ، وَلاَ يُكَلِّمُنَا أَحَدٌ ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْنَا سَلاَمًا. (14/543).
الصفحة 547