كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 20)

وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَحْوَهُمْ ، فَزِعِينَ أَنْ يُحْدِثُوا فِي الإِسْلاَمِ فَتْقًا ، فَلَقِيَنَا رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ ؛ رَجُلُ صِدْقٍ ، عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ ، وَمَعْن بْنُ عَدِي ، فَقَالاَ : أَيْنَ تُرِيدُونَ ؟ فَقُلْنَا : قَوْمَكُمْ ، لِمَا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِهِمْ ، فَقَالاَ : ارْجِعُوا فَإِنَّكُمْ لَنْ تُخَالِفُوا ، وَلَنْ يُؤْتَ شَيْءٌ تَكْرَهُونَهُ ، فَأَبَيْنَا إِلاَّ أَنْ نَمْضِي ، وَأَنَا أَزوّر كَلاَمُا أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ ، وَإِذَا هُمْ عَكَر هُنَالِكَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، وَهُوَ عَلَى (14/565) سَرِيرٍ لَهُ مَرِيضٌ ، فَلَمَّا غَشَيْنَاهُمْ ، تَكَلَّمُوا فَقَالُوا : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ ، فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، فَقَالَ : أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ , إِنْ شِئْتُمْ وَاللهِ رَدَدْنَاهَا جَذَعَةً.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : عَلَى رِسْلِكُمْ ، فَذَهَبْتُ لأَتَكَلَّمَ ، فَقَالَ : أَنْصِتْ يَا عُمَرُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، إِنَّا وَاللهِ مَا نُنْكِرُ فَضْلَكُمْ ، وَلاَ بَلاَءَكُمْ فِي الإِسْلاَمِ ، وَلاَ حَقَّكُمُ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا ، وَلَكِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَنْزِلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ ، لَيْسَ بِهَا غَيْرُهُمْ ، وَأَنَّ الْعَرَبَ لَنْ تَجْتَمِعَ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ ، فَنَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمَ الْوُزَرَاءُ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ ، وَلاَ تَصَدَّعُوا الإِسْلاَمَ ، وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ فِي الإِسْلاَمِ , أَلاَ وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ، لِي وَلأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ , فَأَيُّهُمَا مَا بَايَعْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ ثِقَةٌ ،(14/566).

الصفحة 577