كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 20)
قَالَ : فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : أَيُّكُمْ يَتَبَرَّأُ مِنَ الأَمْرِ وَيَجْعَلُ الأَمْرَ إِلَيَّ ، وَلَكُمُ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لاَ آلُو عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ؟ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ عَلِيٌّ وَعُثْمَان ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : تَجْعَلاَنِهِ إِلَيَّ وَأَنَا أَخْرُجُ مِنْهَا ، فَوَاللهِ لاَ آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَوا : نَعَمْ ، فَخَلاَ بِعَلِيٍّ ، فَقَالَ : إِنَّ لَك مِنَ الْقَرَابَةِ (14/577) مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَدَمِ ، وَلِي اللَّهُ عَلَيْك لَئِنَ اسْتُخْلِفْتَ لَتَعْدِلَنَّ ، وَلَئِنَ اسْتُخْلِفَ عُثْمَان لَتَسْمَعْن وَلَتُطِيعُنَّ ؟ قَالَ : فَقَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَخَلاَ بِعُثْمَانَ ، فَقَالَ : مِثْلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان : نَعَمْ ، ثُمَّ قَالَ : يَا عُثْمَان ، أَبْسِطْ يَدَك ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ، وَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَالنَّاسُ.
ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللهِ ، وَالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ ، وَيَعْرِفَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا ، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلاَمِ ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ ، وَجُبَاةِ الأَمْوَالِ ، أَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ فَيْؤُهُمْ إِلاَّعَنْ رِضًا مِنْهُمْ ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا ؛ الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ ، أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا ، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلاَمِ ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ ، أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَأَنْ لاَ يُكَلَّفُوا إِلاَّ طَاقَتَهُمْ ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ. (14/578).
الصفحة 590