كتاب مصنف ابن أبي شيبة (عوامة) (اسم الجزء: 21)

3- فَمَكَثُوا سَاعَةً ، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى الْكُوفَةِ كَأَنَّهُ يَوْمُ أَضْحَى ، أَوْ يَوْمُ فِطْرٍ ، وَكَانَ عَلِيٌّ يُحَدِّثُنَا قَبْلَ ذَلِكَ ، إِنَّ قَوْمًا يَخْرُجُونَ مِنَ الإِسْلاَم ، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ ، عَلاَمَتُهُمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ ، قَالَ : فَسَمِعْت ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا كَثِيرَةً ، قَالَ : وَسَمِعَهُ نَافِعٌ : الْمُخْدَج أَيْضًا ، حَتَّى رَأَيْته يَتَكَرَّهُ طَعَامَهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ ، قَالَ : وَكَانَ نَافِعٌ مَعَنا فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ بِالنَّهَارِ ، وَيَبِيتُ فِيهِ بِاللَّيْلِ ، وَقَدْ كَسَوْته بُرْنُسًا فَلَقِيته مِنَ الْغَدِ فَسَأَلْتُهُ : هَلْ كَانَ خَرَجَ مَعَ النَّاسُ الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَى حَرُورَاءَ ، قَالَ : خَرَجْت أُرِيدُهُمْ حَتَّى إِذَا بَلَغْت إِلَى بَنِي فُلاَنٍ لَقِيَنِي صِبْيَانٌ ، فَنَزَعُوا سِلاَحِي ، فَرَجَعْت حَتَّى إِذَا كَانَ الْحَوْلُ ، أَوْ نَحْوُهُ خَرَجَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَسَارَ عَلِيٌّ إلَيْهِمْ ، فَلَمْ أَخْرُجْ مَعَهُ.
4- قَالَ : وَخَرَجَ أَخِي أَبُو عَبْدِ اللهِ وَمَوْلاَهُ مَعَ عَلِيٍّ ، قَالَ : فَأَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ عَلِيًّا سَارَ إلَيْهِمْ حَتَّى إِذَا كَانَ حِذَاءَهُمْ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرَوَانِ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ يُنَاشِدُهُمَ اللَّهَ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا ،(15/326) فَلَمْ تَزَلْ رُسُلُهُ تَخْتَلِفُ إلَيْهِمْ حَتَّى قَتَلُوا رَسُولَهُ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَهَضَ إلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ ، ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَلْتَمِسُوا الْمُخْدَجَ فَالْتَمَسُوهُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَا نَجِدُهُ حَيًّا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَا هُوَ فِيهِمْ ، ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَبَشَّرَهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَدْ وَاللهِ وَجَدْنَاهُ تَحْتَ قَتِيلَيْنِ فِي سَاقَيْهِ ، فَقَالَ : اقْطَعُوا يَدَهُ الْمُخْدَجَةَ وَأْتُونِي بِهَا ، فَلَمَّا أُتِيَ بِهَا أَخَذَهَا بِيَدِهِ ، ثُمَّ رَفَعَهَا ، ثُمَّ قَالَ : وَاللهِ مَا كَذَبْتُ وَلاَ كُذِّبْتُ. (15/326).

الصفحة 453