كتاب الموسوعة الحديثية - ديوان الوقف السني (اسم الجزء: 1)

وَالصَّحِيْح الّذِي عليه الجمهور أنه ليس بكذب يصح به القدح في عدالة الرَّاوِي حتَّى نرد جميع حديثه، وإنما هُوَ ضَرْبٌ من الإيهام، وعلى هَذَا نصّ الشَّافِعِيّ - رحمه الله - فَقَالَ: "ومن عرفناه دلّس مرة فَقَدْ أبان لنا عورته في روايته، وليست تِلْكَ العورة بالكذب فنرد بِهَا حديثه، ولا النصيحة في الصدق، فنقبل مِنْهُ ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق" (¬١).
ويمكن حمل التشدد الوارد عن شعبة علَى "المبالغة في الزجر عَنْهُ والتنفير" (¬٢).
وإذا تقرر هَذَا، فما حكم حَدِيْث من عرف بِهِ؟ للعلماء فِيْهِ أربعة مذاهب:
الأول: لا تقبل رِوَايَة المدلس، سواء صرح بالسماع أم لا، حكاه ابن الصَّلاح عن فريق من أهل الْحَدِيْث والفقه (¬٣)، وهذا مبني علَى القَول بأنّ التدليس نفسه جرح تسقط بِهِ عدالة من عُرِف بِهِ (¬٤). وهذا الَّذيْ استظهره علَى أصول مذهب الإمام مالك القاضي عَبْد الوهاب في الملخص (¬٥).
الثاني: قبول رِوَايَة المدلس مطلقًا، وَهُوَ فرع لمذهب من قَبِلَ المرسل ونقله الْخَطِيْب البغدادي عن جمهور من قَبِلَ المراسيل (¬٦)، وحكاه الزركشي
_________
(¬١) الرسالة: ٣٧٩ الفقرة (١٠٣٣ و ١٠٣٤).
(¬٢) مَعرفَة أنواع علم الْحَدِيْث: ٦٧، وطبعتنا ١٥٩.
(¬٣) المصدر نفسه. وسبقه بالنقل الْخَطِيْب في كفايته (٥١٥ ت، ٣٦١ هـ).
(¬٤) شرح السيوطي علَى ألفية العراقي: ١٧٤.
(¬٥) نكت الزركشي ٢/ ٨٧.
(¬٦) الكفاية (٥١٥ ت، ٣٦١ هـ).

الصفحة 160