كتاب الموسوعة الحديثية - ديوان الوقف السني (اسم الجزء: 4)

والسموم وأظمأو الأكباد حتى غشيت أبصارهم فإن الله عز وجل إذا نظر إليهم سُرَّ بهم وباهى بهم الملائكة، بهم تصرف الزلازل والفتن. ثم بكى النبي صلى الله عليه وسلم حتى اشتد نحيبه وهاب الناس أن يكلموه حتى ظنوا [نه] قد حدث من السماء حدث، ثم قال: "ويح لهذه الأمة ما يلقى منهم من أطاع الله فيهم كيف يقتلونه ويكذبونه من أجل أن أطاع الله، وأمرهم بطاعة الله" فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله والناس يومئذ على الإسلام؟ قال: "نعم"، قال: ففيم يقتلون من أطاع الله وأمرهم بطاعة الله؟ قال: "يا عمر ارك الناس الطريق وركبوا الدواب ولبسوا الليّن من الثياب، وخدمتهم أبناء فارس والروم، يتزّين الرجل منهم بزينة المرأة لوجها، ويتبرج النساء، زيهم زي الملوك، ودينهم دين كسرى بن هرمز، يتسمنون يتباهون بالحشاء واللباس، فإذا تكلم أولياء الله عليهم العباء منحنية أصلابهم قد ذبحوا أنفسهم من العطش، إذا تكلم منهم متكلم كُذّب وقيل له أنت قرين الشيطان رأس الضلالة، تحرّم زينة الله التي أخرج لعباده، والطيبات من الرزق، تأوّلوا الكتاب على غير تأويله، واستذلوا أولياء الله، واعلم يا أسامة أن أقرب الناس إلى الله يوم القيامة من طال حزنه وعطشه وجوعه في الدنيا الأخفياء الأبرار الذين إذا شهدوا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يتفقدوا يعرفون في أهل السماء يخفون على أهل الأرض، تعرفهم بقاع الأرض وتحفّ بهم الملائكة، نعم الناس بالدنيا وتنعموا هم بالجوع والعطش، ولبس الناس لين الثياب، ولبسوا هم خشن الثياب، افترش الناس الفرش وافترشوا هم الحياة والركب ضحك الناس وبكوا ألا لهم الشرف في الآخرة يا ليتني قد رأيتهم بقاع الأرض بهم رحبه، الجبار عنهم راض، ضيع الناس فعل النبيين وأخلاقها وحفظوها، الراغب من رغب إلى الله في مثل رغبتهم، الخاسر من خالفهم، تبكي الأرض إذا فقدتهم ويسخط على كل بلد ليس فيه منهم أحد، يا أسامة إذا رأيتهم في قرية فاعلم أنهم أمان لأهل تلك القرية. لا يعذب الله قومًا فيهم، اتخذهم لنفسك تنجو بهم، وإياك أن تدع ما هم عليه

الصفحة 214