كتاب الموسوعة الحديثية - ديوان الوقف السني (اسم الجزء: 3)

والقمر وبدوء خلقهما ومصير أمرهما؟ قال: قلنا: نعم يرحمك الله تعالى، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ذلك، فقال: "إن الله عزَّ وجلَّ لما أبرز خلقه إحكاما، ولم يبق من خلقه غير آدم، خلق شمسين من نور عرشه، فأما ما كان في سابق علمه أن يدعها شمسا فإنه خلقها مثل الدنيا، ما بين مشارقها ومغاربها، وما كان في سابق علمه أن يطمسها ويحولها قمرا، فإنه خلقها دون الشمس في العظم، ولكن إنما يرى صغرها من شدة ارتفاعها في السماء، وبعدها عن الأرض، فلو ترك الشمس والقمر كما كان خلقهما في بدء الأمر، لم يعرف الليل من النهار، ولا النهار من الليل، وكان لا يدري الأجير متى يعمل، ومتى يأخذ أجره، ولا يدري الصائم إلى متى يصوم ومتى يفطر، ولا تدري المرأة متى تعتد، ولا يدري المسلمون متى وقت صلاتهم، ولا متى وقت حجهم، ولا يدري المدينون متى حل دينهم، ولا يدري الناس متى يزرعون لمعاشهم، ومتى يسكنون لراحة أجسادهم، فكان الرب جل جلاله أنظر لعباده وأرحم بهم، فأرسل جبريل عَلِيْه السَّلام فأمّر جناحه على وجه القمر، وهو يومئذ شمس ثلاث مرات، وطمس عنه الضوء وبقي فيه النور، فذاك قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ} (¬١) الآية، فالسواد الذي يرونه في القمر يشبه الخطوط فهو أثر المحو، كما خلق الله عزَّ وجلَّ للشمس عجلة من ضوء نور العرش لها ثلاثمئة وستون عروة، ووكل الله عزَّ وجلَّ بالشمس وعجلتها ثلاثمئة وستين ملكا من الملائكة من أهل السماء الدنيا، قد تعلق بكل
---------------
(¬١) الإسراء:١٢.

الصفحة 58