كتاب الموسوعة الحديثية - ديوان الوقف السني (اسم الجزء: 3)

عروة من تلك العرا ملك منهم، وخلق الله - تبارك وتعالى - مشارق ومغارب في قطري الأرض، وكنفي السماء ثمانين ومئة عين في المشرق طينة سوداء، وثمانين ومئة عين في المغرب مثل ذاك طينة سوداء تفور غليانا كغلي القدر إذا ما اشتد غليانها، فذلك قوله تعالى: {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} (¬١) وإنما يعني حمأة سوداء من طين، وكل يوم وليلة لهامطلع جديد ومغرب جديد ما بين أولها مطلعا وأولها مغربا أطول ما يكون النهار في الصيف، وآخرها مطلعا ومغربا أقصر ما يكون النهار في الشئاء، فذلك قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} (¬٢)، يعني آخرها هاهنا وآخرها هاهنا، وترك ما بين ذلك من المغارب والمشارق، ثم جمعها بعد ذلك، فقال: {بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}، فذلك عدة تلك العيون كلها، وخلق الله عزَّ وجلَّ بحرا دون السماء بمقدار ثلاثة فراسخ، فهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر الله تعالى لا يقطر منه قطرة، والبحور كلها ساكنة وذلك البحر جار في سرعة السهم، ثم انطباقه في الهواء مستو كأنه حبل ممدود، ما بين المشرق والمغرب، فتجري الشمس والقمر والخنس في ذلك البحر، فذلك قوله: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (¬٣). والفلك دوران العجلة في لجة غمر ذلك البحر، والذي نفس محمد بيده لو بدت الشمس من دون ذلك البحر لأحرقت كل شيء في الأرض حتى الصخور والحجارة
---------------
(¬١) الكهف:٨٦.
(¬٢) الرحمن:١٧.
(¬٣) يس:٤٠.

الصفحة 59